الشهيدة أولاليا
عن
كتاب: نساء
شهيدات
وعذارى
حكيمات إعداد
القمص تادرس
البراموسى جـ
1
ولدت
هذه الشهيدة
البتول
الشجاعة
أولاليا فى
أواخر القرن
الثالث
الميلادى فى
مدينة مريدة
فى أسبانيا،
من أبوين
مسيحيين من
قوم أجلاء
أفاضل، فربيا
القديسة على
التقوى والفضيلة،
فشبت مًُحبة
لعمل الخير
ولا سيما الاهتمام
بالأرامل
والأيتام وكل
فقير محتاج، وامتلأت
من الحب
الإلهى من
صغرها، فأضرم
الروح القدس
قلبها وهى ما
زالت غصن
صغير، مُحبة
للسيد المسيح
لـه المجد
بشدة، فنذرت
نفسها لتعيش
بتولاً فسلكت
فى هذا الطريق
بكل اجتهاد ونمت
فى النسك وسمت
فى كل فضيلة
بالسهر
والصوم والصلاة
والتذلل
والمسكنة بكل
حب، فتولدت فى
قلبها فكرة
الاستشهاد
وأنها لن
ترتاح إلى أن
يسفك دمها
حباً بعريسها
الإلهى.
فلما
أتى داسيوس
الوالى إلى
مدينة مريدة
ونادى
باضطهاد
المسيحيين
حسب أوامر
دقلديانوس الملك
عدو المسيحية،
فرحت القديسة
أولاليا آملة
أنه قد حان اليوم
السعيد الذى
طالما
انتظرته
لإتمام رغبتها
فى الموت من
أجل الإيمان،
فلما علم
والديها بما
تنوى عليه هذه
القديسة
وشوقها
الشديد للإستشهاد،
خافا عليها
ولا سيما أنها
صغيرة السن
ولربما لكثرة
العذابات
تخور وتجحد
إيمانها،
ففكرا أن
يبعدا قليلاً
عن المدينة
التى تشعل
الغيرة
الإلهية بها،
فأخذا
ابنتهما القديسة
وذهبا بها إلى
منزل خارج
المدينة لا
يعرفه أحد
وبعيداً عن
الأحداث، إلا
أن القديسة البتول
هربت منه سراً
ورجعت إلى
المدينة
لتقدم نفسها
للموت مع
صديقة لها
بتول اسمها
يوليا، رفيقة
لها فى أعمال
التقوى، ومن
فرط حبها ورغبتها
فى سفك دمها
لأجل السيد
المسيح لـه
المجد كانت
ترقص متطايرة
من الفرح حتى
إن رفيقتها لم
تقدر أن تلحق
بها فى
الطريق،
فقالت لها رفيقتها
بروح النبوة:
"إنك باطلاً
تتغنين راقصة يا
أولاليا
لأننى
سأتقدمك فى
الموت لأجل الإيمان."
فدخلت
أولاليا
المدينة
وللوقت ذهبت
إلى الحاكم
وبكل شجاعة
أخذت توبخه
على عبادة
الأوثان
واضطهاده
للمسيحيين
العابدين للإله
الحقيقى خالق
السماء
والأرض،
فلاطفها فى
أول الأمر
وتودد إليها
وأظهر لها
الضرر الذى
تجلبه على
نفسها والغم
الذى ستسببه
لوالديها، حيث
كان يريد أن
يُضعف
إيمانها
ويُثنى عزمها
عن الاستشهاد.
لكن
القديسة
المملوءة
بالإيمان
والعزيمة القوية
أصرت على
كلامها الذى
اعتبره
الحاكم أنه
عصيان، ولما
لم يفلح معها
ذلك النصح
استعمل معها
التهديد
وأراها
بعينيها آلات
العذاب، وعرض
عليها أن يرفع
عنها كل هذا التعذيب
إذا أخذت بطرف
إصبعها من
البخور وقدمته
للوثن، فقالت
لـه القديسة
أولاليا: "ما
كنت أغتر
وأنخدع." ثم
قلبت الصنم
وداسته
بقدميها كما
داست على
القربان
المقدم لـه،
فاغتاظ الحاكم
وأوغر ذلك
قلبه فأمر أن
تعذب بأقصى
العذابات
لأنها فى نظره
لا تستحق
العطف أو الرحمة
ويجب أن تؤدب،
فوقف حولها
الجلادون
وضربوها
أولاً
بالسياط ثم
جلدوها بحبال
مزودة بالرصاص
ثم سكبوا
عليها زيت
مغلى وأخيراً
علقوها من
يديها
وقدميها
وأوقدوا
تحتها
النيران.
أما
القديسة
فكانت تتحمل
هذه العذابات
كلها بسرور،
ولما رأت كثرة
جراحاتها
رفعت عينيها نحو
السماء وقالت:
"أشكرك ياربى
وإلهى ومخلصى
يسوع المسيح
لأنك رسمت على
جسدى صورة
آلامك المقدسة."
ثم نظرت
القديسة إلى
الحاكم وقالت
لـه بجرأة
مذهلة: "افتح
عيناك وانظر
إلى وجهى واعرفنى
حتى تستطيع أن
تعرفنى يوم
الموقف العظيم
فكلانا سيحضر
أمام كرسى
القضاء ويرى
المسيح
الديان
العادل، فكيف
يكون جوابك
وما يكون نصيبك
من العذاب على
قسوتك على
المسيحيين
وتعذيبك لهم،
وسوف تسمع
كلمة اذهبوا
عنى يا ملاعين
إلى النار
المعدة
لإبليس
وجنوده حيث
النار التى لا
تطفأ والدود
الذى لا يموت."
ولما
سمع الوثنيين
الحاضرين
المحفل هذا
الكلام، آمن
كثيرين منهم
بالسيد
المسيح،
فكرهها بقية
الوثنيين
وأبغضوها،
أما الجلادون
فأوقدوا لها
ناراً عظيمة
وأرادوا أن
يقطعوا
كلامها الثابت
الذى لم يقدر
الحاكم أن يرد
عليه ولكى ينفذوا
فيها آخر عذاب
مما قضى به
عليها.
أما
القديسة
فرفعت عينيها
إلى السماء
وبدأت تتضرع
إلى الله أن
يختم آلامها
ويقبل روحها،
وفتحت القديسة
فاها كأنها
تبتلع اللهيب
وصعدت روحها إلى
فاديها مع
ترتيل
الملائكة،
وعندئذ رأى الناس
روحها صاعدة
مثل حمامة
طارت إلى
السماء.
أما
الحاكم
الظالم فأمر
أن يترك جسدها
ثلاثة أيام
معرضة
للإهانة من
عبدة
الأوثان، لكن
الله محب
البشر غطاه إذ
نزلت الثلوج
وغطته، ثم أخذه
النصارى
ودفنوه
بإكرام جزيل
فى مدينة مريدة،
وبنوا فوق
قبرها كنيسة
جميلة، وذاع
خبر استشهادها
فى كل المدن
فتقاطر الناس
للتبرك من جسدها
وشّرفها الله
بعمل
المعجزات،
وكان الجميع
يلتمسون
شفاعتها.
فى
القرن الرابع
نظم القديس
برودنسيوس
مديحه لإكرام
القديسة أولاليا
مؤكداً أن
الناس
تقاطروا
لزيارة قبرها من
كل اتجاه
وصوب،
ولكونها قرب
عرش الله فكان
الكثيرون
يتشفعون بها
لأن شفاعتها
مقبولة عند
الله،
وكثيراً ما
تكلم
برودنسيوس عن
ما جرى فى
عصره من شفاعة
القديسين،
فقال إن
الغرباء يأتون
إلى هنا لأنه
شاع خبر أن
شفعاء العالم
هم الشهداء
والقديسين
الذين يطلب
عونهم فى الصلاة
والرب يستجيب
لكل الصلوات،
فما من أحد قدم
صلوات نقية
ورجع خائباً
بل ما تشفع
بهم أحد إلى
الله إلا وشعر
أن كل مطالبه
من الأمور الموافقة
قد منحت لـه
فيمسح دموعه
ويرجع مسروراً،
فلاشك أن
هؤلاء
الشهداء
يشفعوا فينا ولا
تذهب شفاعتنا
بهم باطلاً،
فهم يسمعون
أناتنا إن
بالجهر أو فى
السر
فيرفعونها
إلى الملك
الأزلى.
أما
القديسة
يوليا صديقة
القديسة
أولاليا فلم
تصل إلى
المدينة إلا
وكانت تحت
العذاب، فلما
علم الحاكم
أنها مسيحية
حكم عليها
بقطع رأسها
بحد السيف،
وهكذا تمت
نبوتها ونالت
إكليل
الشهادة قبل
رفيقتها.
بركتهم المقدسة وصلواتهم تكون معنا ولإلهنا المجد والسجود إلى الأبد آمين.