4 النسئ:  نياح القديس الأنبا بيمن المتوحد

مثل هذا اليوم أيضا تنيح الأب القديس الناسك الأنبا بيمن. ولد نحو سنه 350 م في إحدى بلاد مصر. وكان له ستة أخوة يوحنا ويعقوب وأيوب ويوسف وسنوسيس وإبراهيم. وقد اتفق رأيهم علي الترهب، فسكنوا في أحد الأماكن البعيدة ، وتركوا محبة العالم، وحملوا نير المسيح، وسلكوا في نسك زائد. واشتاقت أمهم مرة أن تراهم، فأتت إليهم ووقفت بعيدا وأرسلت تدعوهم. فأرسلوا إليها قائلين: "إنك لن تبصرينا إلا في الدهر الآتي." ففهمت جوابهم وانصرفت. وكان الأب بيمن مرشدا ومعزيا لشيوخ البرية وشبانها. وكان كل من اعتراه شيطان أو حلت به تجربة يأتي إليه فيشفيه. وقد وضع هذا الأب تعاليم كثيرة نافعة منها قوله: "إذا رأيت أخا قد أخطأ فلا تقطع رجاءه، بل أنهض نفسه وعزه وخفف ثقله عنه لينهض." وقال: "علم قلبك ما يقوله لسانه." وقال له أخ: "إذا رأيت أخا سيئ السيرة فإنني لا أرتاح إلى إدخاله قلايتي. أما إذا كان حسن السيرة، فأني أدخله فرحا". فأجابه القديس: "إذا صنعت مع حسن السيرة صلاحا. فاصنع مع السيئ أضعاف ذلك لأنه مريض ويحتاج إلى الدواء." ثم قال له : "كان راهب بدير تيموثاوس قد وقع في زلة وكان مداوما علي البكاء والطلبة قائلاً: "يارب أخطأت فأغفر لي. فأتاه صوت : إنني لم أتخل عنك إلا لأنك تغافلت عن أخيك في وقت محنته." وأضاف قائلا: "إذا سترنا خطايا اخواتنا، فان الله يستر خطايانا. وإذا شهرناها، فهكذا يصنع الله معنا." وبعد أن أكمل القديس أيامه تنيح بشيخوخة صالحة مرضية. صلاته تكون معنا. ولربنا المجد دائما. أمين.

 4  النسئ:   القديس بيمن

بيمن اسم معناه باليونانية الراعى (370 ـ 460م.). معلم وراعى بالحق، قبطى صميم طبقت شهرته الآفاق، تُعيد لـه الكنيسة اليونانية فى 27 أغسطس ، وله عندهم خدمة تسبيح خاصة فى الصلاة يدعونه فيها "نور المسكونة والمثال الصالح لكافة الرهبان".

التحق بشيهيت وهو صغير السن حوالى سنة 390م. قبل نياحة أنبا مقار بقليل، فهو محسوب من تلاميذه الذين أخذوا عنه مباشرة ولو أن مقاريوس فى ذلك الوقت كان قد أحجم عن كثرة التعليم، بسبب تراخى الرهبان عن سماع النصيحة: "جاء بيمن إلى الأب مقاريوس ورجاه بتوسل كثير أن يقول له كلمة يحيا بها، فأجابه الشيخ قائلاً: الأمر الذى تطلبه اليوم قد عبر عن الرهبان".

وقد قضى فى شيهيت 70سنة من حياته، متعلماً تحت أرجل الآباء القديسين، وبالأخص أنبا مقار ثم آمون، حتى صار قادراً أن يُعلم نفوساً كثيرة. وقد تنيح سنة 460م. عن مائة عام تقريباً. وقد حضر غارات البربر الثلاث الكبرى، فاضطر بعد الغارة الأولى للنزول مع إخوته الستة  إلى ترنوتى (الطرانة الآن)، ومكث فيها مدة، وقد كانت مركزاً رهبانياً كبيراً بجوار الريف، وعاشوا معاً فترة من الزمن فى بربا  قديمة، عادوا بعدها إلى شيهيت. أما فى الغارة الثانية سنة 434م. فقد نزل إلى مصر (منف)، وكانت مركزاً رهبانياً عامراً بالأديرة، مثل دير الشمع ودير نهيا وغيرهما، وسكن هناك فترة عاد بعدها إلى شيهيت. وفى الغارة الثالثة سنة 444م. نزل بيمن وتغرب فى صعيد مصر مدة.

وفى أقوال الآباء ما يشير إلى هذه الرحلات الثلاث: فعن نزوله إلى ترنوتى يقول "البستان" العربى: "قيل أنهم كانوا سبعة إخوة من بطن واحدة، وصار الجميع رهباناً بالإسقيط. فلما جاء البربر وخربوا الإسقيط فى أول دفعة، انتقلوا من هناك وأتوا إلى موضع آخر يدعى "أبرين". فمكثوا هناك فى بربا للأصنام أياماً قلائل. حينئذ قال أنبا أنوب لأنبا بيمن: "لنسكت جميعنا، كلُّ من ناحيته، ولا يكلم أحدنا الآخر كلمة البتة وذلك لمدة أسبوع". فأجابه أنبا بيمن: "لنصنع كما أمرت". ففعلوا كلهم كذلك. وكان فى ذلك البيت صنم من حجر، فكان أنبا أنوب يقوم فى الغداة ويردم وجه ذلك الصنم بالتراب، وعند المساء يقول للصنم "اغفر لى". وهكذا كان يفعل طول الأسبوع. فلما انقضى الأسبوع قال أنبا بيمن لأنبا أنوب: "لقد رأيتك يا أخى خلال هذا الأسبوع تقوم بالغداة وتردم وجه الصنم وعند المساء تقول له اغفر لى، أهكذا يفعل الرهبان؟" فأجاب أنبا أنوب: "لما رأيتمونى وقد ردمت وجهه هل غضب؟"، قالوا: "لا". فقال: "ولما تُبت إليه هل قال لا أغفر لك؟"، قال: "لا". فقال أنبا أنوب لأخوته: "ها نحن سبعة أخوة، إن أردتم أن يسكن بعضنا مع بعض، فلنصر مثل هذا الصنم الذى لا يبالى بمجد أو هوان، وإن لم تؤثروا أن تكونوا هكذا فها هى أربع طرق أمامكم، وليذهب كل واحد حيثما يشاء". فأجابه إخوته قائلين: "نحن لله ولك، ونحن مطيعون لما تشاء". فاختاروا أحدهم ليهتم بالمائدة، وكل ما كان يقدمه لهم كانوا يأكلونه، ولم يقل أى واحد منهم أحضر شيئاً آخر، ولا قال أحدهم: لا نريد هذا أو لسنا نشتهى ذاك. وكان أنبا يعقوب يدبرهم فى أعمال أيديهم، أما أنبا بيمن فقد كان معلماً لهم فى طريق الفضيلة. هكذا اجتاز الإخوة أيامهم بسلام. بركة صلواتهم تكون معنا أمين".

أما عن نزوله إلى مصر فيذكره كتاب أقوال الآباء هكذا: [كان يُحكى بين الرهبان قصة عن جماعة من أهل الأب بيمن: فبينما كان بيمن ساكناً مع إخوته فى مصر ، جاءت أمهم لتراهم، ولكنها لم تستطع ذلك، فظلت ترقبهم لتراهم عند ذهابهم للكنيسة. فلما ظهرت لملاقاتهم عند بدء خروجهم من القلاية، لمحوها من بعيد، فعادوا مسرعين إلى قلايتهم، وأغلقوا الباب على أنفسهم. فجاءت أمهم ووقفت على الباب، وبدأت تولول وتبكى وتناديهم، فلما وجدها أنوب على هذا الحال ذهب إلى بيمن ليستشيره: "ماذا نعمل فى هذه العجوز التى تبكى على الباب؟"، فقام بيمن واقترب من داخل الباب، فلما سمعها تبكى وتنوح فى حزن شديد، قال لها: "أهكذا تصرخين يا كبيرة؟"، فلما سمعت صوته بكت أكثر وبدأت تصرخ: "أريد أن أرى أولادى. ماذا دهاكم؟ ألم أربيكم؟ ألست أمكم، ألم ترضعوا من ثديى أو تخرجوا من أحشائى كلكم؟ ألأنى عجوز لا أستطيع الوصول إليكم؟ هوذا حين سمعتُ صوتكم تحركت أحشائى.." فأجابها بيمن: "هل تريدين أن تنظرينا هنا أم هناك (فى السماء)؟". فعادت إلى نفسها وقالت: "يا أولادى إذ حُرمت من رؤياكم هنا يكفينى أن أراكم هناك!" فقال لها بيمن: "أقول لك الحق، إذا غصبت نفسك وتحملت عدم رؤيتنا هنا، فسوف ترينا هناك!"..فغادرتهم راضية وهى تقول: "نعم بالحقيقة يا أولادى إن كنت سأراكم هناك فينبغى ألا أسعى إلى رؤيتكم هنا"].

وفى أحد الأقوال الأخرى التى تقص أخبار أنبا بيمن، يتضح لنا مقدار الترحاب الذى قابله به رهبان مصر (منف) عند وصوله إليها، حتى أن كثيرين تركوا معلميهم وانضموا إلى جماعته.

أما عن نزول الأب بيمن إلى الصعيد فيقول كتاب الآباء: "وحدث أن الأب بيمن ذهب إلى الصعيد وتحدث مع الأخوة هناك".

وفى صغره تنبأ لـه أحد الآباء الكبار قائلاً: "سوف يذاع اسمك فى كل أرض مصر"، وذلك لأنه كان يُظهِر نشاطاً عجيباً فى السئوال والتعلم من الآباء، حتى أنه كان يقوم فى الحال ويجرى إلى قلاية أبيه ليستفسر عن كل أمر، كما جاء فى القول الوارد فى كتاب أقوال الآباء.

ومن أقوال أنبا بيمن وسيرته، يتضح لنا تماماً أنه عاصر الآباء الكبار بافنوتيوس، وإيسيذوروس القس، ويوحنا القصير، وموسى الأسود، وأرسانيوس، وحضر وفاة أرسانيوس سنة 449م : "لما سمع أبا بيمن أن أرسانيوس تنيح وذهب إلى راحته قال: "طوباك يا أرسانى لأنك بكيت على نفسك فى هذا العالم. أما الذى لا يبكى على نفسه هنا فسيبكى هناك إلى الأبد. والذى يبكى هنا فبإرادته، أما الذى سيبكى هناك فعن حكم وعقوبة. وعلى أى حال يتحتم علينا أن نبكى إما هنا أو هناك".

كما عاصر أنبا نستير، وأنبا آمون بشيهيت، الذى كان أباً روحياً لبيمن، وأنبا شيشوى الكبير، وأنبا بترا، وأنبا أبراهام. وعلى مدى كتاب أقوال الآباء نجد كل هؤلاء يسألون أنبا بيمن وبيمن يسألهم.

وكان هؤلاء الأخوة السبعة فى غاية الحلاوة من جهة حبهم ونسكهم. وقد جاء عنهم فى أقوال الآباء: [كان يُحكى عن هؤلاء الأخوة أنه إذا أتى راهب إلى أنبا بيمن كان يرسله إلى أنوب أخيه قائلاً: "إنه أكبر منى"، وكل الذين يأتون إلى أنوب كان يرسلهم إلى بيمن قائلاً: "اذهبوا إلى بيمن أخى لأن عنده نعمة هذه المواهب"، فإذا كان يوسف حاضراً (كان أكبر من بيمن) كان بيمن لا يتكلم أمامه].

ولكن هذا لا يمنع أن نجد أنوب أو يوسف فى موقف التلميذ بالنسبة لبيمن مرات كثيرة، يسأله كلمة للحياة أو يستفسر عن آية على مدى كتاب أقوال الآباء. كما لا يمنع أن نقرأ عن خصام بين هؤلاء الأخوة بسبب شجار وقع بين يوسف وبائيسوس فتضاربا، وكان بيمن جالساً ولم يتحرك، فلما جاء أنوب الأخ الأكبر ووجدهما بهذه الحال عاتب بيمن، فكان جواب بيمن: "ينبغى أن تعلم أنى لست هنا". كما نقرأ فى بداية سيرتهم فى شيهيت أن بائيسوس كان كثير الخروج والدخول، ولـه صداقة مع أخوة رهبان من مواضع أخرى. فأساء هذا إلى نفسية بيمن الذى كان يحب الهدوء، فعاتب بائيسوس ولكنه لم يسمع له. فقام بيمن وذهب للأب آمون واشتكى لـه فكان جواب آمون: "يا بيمن أنت لا تزال حياً بعد. إذهب واجلس فى قلايتك وتأمل بعقلك وقل لنفسك: أنا الآن ميت وهوذا لى الآن سنة فى القبر".

وقد أتقن بيمن العمل بهذه النصيحة طوال حياته، لذا نسمعه فى موضع آخر يقول لأخيه بائيسوس، الذى أخذ يعاتبه بسبب رفضه الحديث مع أحد الكهنة الذى كان موفداً من قِبل أحد الأساقفة، فكان جواب: أنا رجل ميت والميت لا يتكلم".

[لما سمع بيمن أن أنبا نستير دخل المجمع (أى أحضروه من المغارة ليعيش فى المجمع بسبب الشيخوخة)، اشتاقت نفس بيمن جداً أن يراه (وكان وقتئذ يوجد نزاع داخل الدير الذى فيه بيمن ومنعوه من الذهاب فاحتمل بشكر)، ولما ذهب أخيراً وتقابل مع الأب نستير سأله الأب نستير: "كيف احتملت باتضاع هذا النزاع وصمت، ولم تتدخل أو تتكلم لتفض النزاع؟"، فأجابه بيمن بعد إلحاح: "سامحنى يا أبى، فإنى منذ أن دخلت المجمع وضعت فى قلبى أن أكون أنا وحمار الدير واحداً. فكما أن الحمار يضربونه ولا يتكلم ويشتمونه ولا يرد، هكذا قلت إنى أعيش متمماً قول داود النبى: صرت كبهيم عندك، ولكنى معك كل حين"(مز 73: 22، 23)].

 

موته عن العالم وتجرده من قرابة اللحم والدم إلى أقصى حد:

 [أراد والى البلاد فى يوم من الأيام أن يشاهد بيمن، ولكن الشيخ لم يشأ ذلك. فقبض الوالى على ابن أخته بهذه الحجة وحبسه، كأنه عمل عملاً منكراً. وقال: "إن جاء الشيخ وسألنى فسوف أطلقه". فجاءت إليه أخته باكية على الباب. فلم يجيبها بجواب البتة. فكررت عليه قائلة: "يا قاسى القلب، ويا حديدى الأحشاء، إرحمنى فإنه وحيدى وليس لى سواه". فقال لها بيمن: "بيمن ما ولد أولاداً". فلما سمع الوالى قال: "وإن سألنى بالمكاتبة فقط أطلقه". فأجاب الشيخ قائلاً: "استفحصه على ما يأمر به الشرع، فإن كان مستحقاً للقتل فليُقتل. وإلا فافعل ما تريد".

قيل فى أقوال الآباء:

[إن أحد أقارب أنبا بيمن كان لـه ابن أصيب فى وجهه بأن انقلب إلى وراء بفعل الشرير (شلل يصيب نصف الوجه فيبدو هكذا)، فأحضره أبوه إلى الدير الذى فيه أنبا بيمن، ولكنه خاف لئلا إذا رآه وعرفه طرده، فخرج خارج الدير وأخذ يبكى. فرآه أحد الشيوخ، ولما استفسر منه علم حاله، ولما توسل إليه ببكاء أخذ ابنه ودخل به إلى مجلس أنبا بيمن، وبحكمة أخذ يتصرف فى الأمر إذ لم يقدمه للأنبا بيمن أولاً بل ابتدأ من آخر الصف مقدماً الولد إلى الآباء الموجودين واحداً واحداً ليصلى عليه قائلاً: "ارشمه بعلامة الصليب". فلما مر على جميع الأخوة والشيوخ قدمه أخيراً لأنبا بيمن. فرفض أنبا بيمن أن يلمسه. فابتدأ الحاضرون يتوسلون جميعاً لديه أن يعمل معه كما عمل الجميع. فتنهد الأب بيمن ونهض وصلى قائلاً: "أيها الرب الإله اشفِ خليقة يديك، حتى لا يهلك بسبب العدو"، ورشمه بعلامة الصليب. وفى الحال عاد وجه الصبى إلى حال الشفاء، وأعطاه لأبيه الذى حمله وخرج فرحاً].

مقتطفات من كلمات القديس بيمن

v      جاء إليه أخ يكشف له أفكاره فى الأحد الثانى من الصوم المقدس، وكان يظن أنه سيجده قافلاً بابه، فلما علم أنبا بيمن بذلك قال لـه: "نحن لم نتعلم أن نقفل الباب الخشب، بل تعلمنا أن نقفل باب اللسان".

v      إذا سُئلت تكلم، وإذا لم تُسأل اصمت.

v      أحفظ سكونك من الداخل والخارج.

v      قانون الراهب أن يأتى باللوم على نفسه فى كل وقت.

v      إذا اعتبرت نفسك أنك لا شئ. تستريح أينما حللت أو سكنت.

v      الشئ الذى لا تقطعه عنك، سيبقى دائماً تنغيصاً لنفسك.

v      إذا أردت أن تمسك "قوة السكون"، عليك أن تقطع من فكرك أنك تمارس الفضائل. ولكن قل دائماً أنا صامت، لأنى لا استحق الكلام.

v      نصرتك وقت التجربة، تتضح بحفظ سكون قلبك.

v      إن طبيعة الخمر لا تتناسب مع طبيعة الرهبان!

v      روح الله لا يسكن فى بيت تُقام فيه الملاهى والتسليات.

v      لا تُخضَع الروح، إلا إذا مسكت عن الجسد الطعام.

v      تنعيم الجسد يبدد خوف الله من القلب، ويضيع جهاد الإنسان.

v      مسرات الجسد مكرهة لله.

v      الصوم أكلة واحدة فى اليوم بحيث لا تكمل شهوة الإنسان.

v      الرجل البار لا تمسك له ملامة إلا فيما يختص بعبادته!

v      أفكار الشر، فى يدنا إطفاؤها لو أردنا.

v      الذى يبكى ويتألم على خطاياه لا يجد فرصة للهو.

v      الذى يتأمل خطاياه لا يمنع نفسه عن البكاء، والذى يبكى لن يظن فى نفسه أنه أكمل الجهاد (خلُص).   

v      إما أن نبكى هنا أو نبكى هناك. أما هنا فباختيارنا لننجو من الدينونة، وأما هناك فكجزاء وعقوبة.

v      إبراهيم أول ما اشترى فى الغربة اشترى قبراً ليدفن فيه زوجته، فورث به أرض الميعاد. قبر الراهب بُكاه ودموعه.

v      البكاء على خطايانا هو الطريق الوحيد الذى ورثناه من آبائنا، نمسح به خطايانا، ونقتنى به أعمالنا الصالحة.

v      عمل الراهب لا يخرج عن مخافة الله، والإحسان إلى الآخرين.

v      الذى يتعب فى عمله ويحتفظ بالنتيجة لنفسه، يكون قد أشقى نفسه مرتين.

v      العلامة الوحيدة التى تدل على أن الراهب هو راهب حقيقى، هى التجارب.

v      أنا الآن ميت، ولى سنة كاملة فى القبر.

v      ثلاث قوى يستخدمها الشيطان ليكمل بها الخطية: الأولى أن يعتاد الإنسان الخطأ، والثانية أن يعتاد الكسل، والثالثة أن يعتاد الشهوة.

v      الفأس لا تقطع بدون يد، كذلك لا تدفع فكر الشر إلى قلبك، وهو يكف عن أن يصبح خطية.

v      بيمن ما ولد أولاداً.

v      ينبغى ألا نتطفل على الأشخاص والأماكن لنكشف أخطاء الآخرين، فإذا عُرضت علينا أخطاء الآخرين، رغماً عنا، فينبغى ألا نفحصها ولا نلتفت إليها.

v      أضاف أنبا بيمن أخاً خارجاً عن الإيمان، وأكرم وفادته وأطعمه.

v      علم قلبك أن يعمل بما يقوله لسانك. 

v      ليست لنا حاجة إلا إلى قلب يقظ وعزيمة قوية.

v      إذا تعذر عليك الجهاد بالجسد، فجاهد لضبط الفكر ولا تدن أخاك.

v      اسكن أينما شئت، ولكن إياك أن تسئ إلى من تسكن معهم.

v      أما أنا إذا وجدت أخاً قد نام وقت الصلاة، فإنى أفرد حجرى وأضع رأسه على ركبتى. رداً على الشيوخ الذين طلبوا منه حلاً أن يضربوا الأخوة الذين يضبطونهم نائمين أثناء الصلاة!

v      الراهب لا يدين أحداً فى شئ، ولا يجازى الشر بالشر، ولا يغضب.

v      إن حالتنا الروحية إذا كانت ضعيفة ومنكوسة، تضفى صورة معثرة على سلوك الآباء تجاهنا، فكل إساءة وكل عثرة تواجهنا، نحن السبب فيها. أما إذا سلكنا بالروح والاتضاع، فإننا نحيا مع إخوتنا بلا لوم.

v      الذي يدين نفسه فإنه يحتمل كل شئ، ويستطيع أن يحيا فى أى مكان.

v      إذا دان الراهب نفسه، ظهر لـه أخوه بصورة فاضلة وحاز نعمة فى عينيه، فإذا كان الراهب ينظر إلى نفسه أنه فاضل وصاحب نعمة، ظهر له أخوه كريهاً وزرياً.

v      ما هى بغضة الشر؟ هى أن يبغض الإنسان خطايا نفسه هو.

v      قانون القلاية هو كالآتى: أن يحفظ الإنسان سلامة قلبه، يعمل بيديه، يهذ فى الكتاب المقدس(بصوت)، يأكل مرة واحدة فى النهار، يدين نفسه أينما ذهب، ولا يهمل قوانين الصلاة، ويواظب على حضور الصلاة وسط الجماعة، ويحفظ نفسه من الاجتماعات المفسدة.

v      كما يقف حارس الملك شاهراً سيفه يقظاً مستعداً، هكذا الراهب قبالة أفكار النجاسة.

v      إمسك بطنك جيداً، واضبط لسانك، واستقر فى مكانك، تصر راهباً.

v      إذا أخطأ إنسان ووبخته، فهو لن ينتفع، أما إذا قبلته وشجعته لكى لا يخطئ ثانية، فإنه يتشدد ويتوب.

v      الذى يخطئ ويتوب، أفضل من الذى لم يخطئ ويعتد بنفسه.

v      بيمن يشرح مزمور 42: "عطشت نفسى إليك يارب مثل الغزلان إلى جداول المياه": الغزال لما يواجه الحية يظل يصارعها مدة، حتى يتغلب عليها، فيعطش جداً، وينطلق إلى عين الماء ليرتوى.هكذا الراهب بعد صراعه مع العدو الشرير، يتشوق إلى يومى السبت والأحد، لكى يأتى إلى الكنيسة حيث ينبوع الماء الحى، أى جسد المسيح، فيرتوى ويتنعم، ويتطهر من مرارة الشرير.

v      الأفكار الشريرة كالرياح، تأتينا من حيث لا نعلم، ولا نستطيع أن نصدها، ولكننا نتقيها.

v      كل عمل نعمله يكون نابعاً من شهوة، يصبح فى النهاية خطية.

v      النية الشريرة حائط يفصلنا عن الله، وهنا قيمة المزمور "بك نَثِبُ السور" لأن طرق الرب مستقيمة!

v      الجوع والسهر لم يدعانى أنشغل بالأفكار الشريرة.

v      ابتعد وتحفظ من الأخ المعتد بكلامه.

v      من ليس لـه سيف، فليبع ثوبه ويشترى سيفاً: دعوة لترك أيام الراحة والتنعم والدخول فى الجهاد والتعب.

v      هل يمكن أن يعتمد الإنسان على فضيلة معينة (للخلاص)؟ فأجاب بيمن: فى ذلك يقول يوحنا القصير، إنى أطلب أن يأخذ الإنسان لنفسه قليلاً من كل فضيلة.

v      حتى الذين يحملون السيوف لهم إله يرحمهم، والله معنا أينما كنا.

v      مخافة الله تقود الإنسان إلى كل فضيلة.

v      كل إنسان ممكن أن يكون إناءً للكرامة أو إناءً للهوان.

v      بيمن عن يوحنا القصير: إن الشيطان لا يسر بشئ مثل الإنسان الذى لا يكشف أفكاره ويعريها أمام أبيه.

v      نقول العظائم، ونعمل الصغائر. 

v      جاء أب أجنبي متعلم من الكتب يزور أنبا بيمن، وأخذ يطرح عليه أسئلة روحية عالية من الكتاب، فلم يتكلم معه ولم يلتفت إليه، فخرج غاضباً. ولكن لما نبهه تلميذ بيمن أن ذلك ليس منهج الآباء، عاد وأخذ يسأل عن أمراض النفس وشهواتها وإخضاعها، فبدأ بيمن بفرح يشرح لـه فانتفع الأخ جداً وربح نفسه، وصرح الراهب الزائر قائلاً: "بالحق هذا هو طريق الحق".

v      بيمن يجاوب شيشوى: أفكار النجاسة إذا لم نكشفها للشيوخ تشبه الأثواب التى إذا خزناها ولم نكشفها تفسد.

v      بيمن يجاوب يوسف: أفكار النجاسة تشبه الحيات، إذا قطعنا عنها الماء والهواء تموت.

v      اسحق يؤاخذ بيمن لأنه أخذ يستحم، فأجابه: نحن تعلمنا أن نقتل الشهوات لا أن نقتل الجسد!

v      سمع اسحق صوت ديك فى قلاية بيمن، فأبدى اندهاشه وامتعاضه، فأجابه بيمن: لا تعط سمعك للعدو، الذى يحيا فى نفسه لا يهتم بما هو خارجه.

v      من هو المرائى؟ المرائى هو من يقول ما لا يفعل!

v      من وقت دخولى الدير (الشركة)، وضعت فى قلبى أن أكون أنا وحمار الدير شيئاً واحداً، أُضرب فلا أتكلم، أُشتم فلا أرد.

v      عمل الرهبانية فقر وشقاء وغربة. هكذا عاش الآباء والأنبياء.

v      ما هو الأفضل: الصمت أم الكلام؟ الذى يتكلم من أجل الله، مثل الذى يصمت من أجل الله تماماً.

v      من أجل أفكار النجاسة: العمل الروحى الداخلى لا يترك لها وجوداً.

v      بيمن لأنوب: حول عينيك عن الأمور الباطلة، ولا تلتفت إليها لئلا تتلف نفسك.

v      يستحيل على إنسان يخاف الله ويؤمن به جيداً، أن يقع فى أفكار النجاسة.

v      من يطرح نفسه أمام الله، ولا يعتبر نفسه أنه شئ، ويقطع عنه شهوة نفسه، يصير عَمَّالاً.

v      الذى يعرف قدر نفسه، لا يقع فى الاضطراب.

v      إذا داهمتك الشهوة، إبدأ بذكر الله، واستمر فى ذلك حتى تخمد من ذاتها.

v      "لا تجازِ الشرير بالشر": آية تتم على أربع درجات: الأولى بالقلب، الثانية بالعين، الثالثة باللسان، والرابعة باليد (الفعل). فإذا غلبت حركة الشر فى القلب، ارتفع الشر من عينيك، وإذا غلبت الشر من العين (أى ترى المسئ إليك بعين وديعة طاهرة) توقف الشر من تحريك اللسان، وإذا غلبت الشر من اللسان، انقطع سلطانه على اليد (الفعل).

v      ليس من الصالح أن تدع فكر الزنا يتسرب إلى فكرك، ومثله تماماً فكر دينونة أخيك، لأن هذين الفكرين لهما سلطان على تخريب نفسك.

v      إذا هاجمك فكر الزنا، إهرب منه. وإذا عاد إليك مرة ثانية، إهرب منه. فإذا عاد إليك مرة ثالثة قف أمامه مثل السيف الحاد!

v      ليس جيداً أن نبنى بيت غيرنا وبيتنا مهدوم.

v      ليس جيداً أن نسلك بالمكر، وطريق المعرفة المستقيمة أمامنا.

v      كل ماليس معتدلاً، هو من الشيطان.

v      ليس على المسيحيين إلا طاعة الكتاب، وطاعة الآباء.

v      إذا توقف الرهبان عن أن يأتوا باللوم على أنفسهم، فباطلاً يكون تعبهم وشقاؤهم.

v      الطعام وهو يغلى على النار لا يعف عليه الذباب، فإذا برد تكاثف عليه بالكتل، كذلك قلوبنا إذا كانت حارة بالروح، فلن تقربها أفكار النجاسة، فإذا توقف هذيذنا الروحى، وتكاسلنا، فإن الشياطين تأخذ الفرصة علينا وتسود على فكرنا.

v      كان بيمن يزكى تعاليم غيره ويُنقص من تعاليم نفسه!

v      علم بالقدوة والعمل وليس بالنصائح والكلمات، لأن كثرة الكلام تنشئ الكسل.

v      نحن الذين نسلم أنفسنا لأفكار الزنا، لأننا نتجاهل معونة الله فى وقتها، ورحمة الله المحيطة بنا كالهواء للنفس.

v      إذا جلس الراهب مائة سنة فى قلايته، فلن يتعلم الخروج من العالم، ولن يذوق معنى الرهبنة، حتى يتعلم أن يأتى باللوم على نفسه فى كل شئ، ولا يتوقف عن الصلاة مهما كانت التجارب.

v      ما هى قوة التوبة؟ هى الكف عن الخطية.

v      قل لى كلمة لأحيا: إذهب إبكِ على خطاياك.

v      الخطية لها أربعة أوجه: الإنشغال والحزن على الأمور التى فى العالم، ومحبة المال، والتفكير بالمجد الباطل والزنا.

v      إذا أبغض الراهب تنعيم الجسد والإنشغال بالمجد الباطل، فإنه يخلص من العالم.

v      الغضب والجوع والنوم وبقية الغرائز هى طبيعية فى الجسد، ولكن يمكن أن نستخدمها لتقويم الروح.

v      لن يقبل أخوك توبتك إليه، إلا إذا قدمتها عن اقتناع بخطئك.

 هذه عينة من أقوال القديس بيمن الذى عاش فعلاً "نوراً للمسكونة، ومثالاً أعلى للرهبان". بركة صلواته وطلباته تكون معنا ولربنا المجد الدائم. أمين.