29 مسرى: القديس بابيلاس

عن كتاب: قاموس آباء الكنيسة وقديسيها مع بعض شخصيات كنسية ـ القمص تادرس يعقوب ملطى. 

يعتبر القديس بابيلاس أو بابيلوس من أعظم أساقفة إنطاكية الأولين بعد القديس أغناطيوس النورانى. سيم بطريركاً على إنطاكية حوالى سنة 237م خلفاً لزابينوس، وبقى الراعى الساهر على شعب الله، السالك بروح التقوى والحب مع الحزم لمدة 13 سنة. عاصر خلالها ثلاثة ملوك: غرديانوس وفيلبس وداكيوس.

يروى لنا المؤرخ يوسابيوس أن فيلبس كان من أصل عربى من بلاد حوران وكان هو وزوجته سفيرين مسيحيين. عمل كجندى صغير وتدرج فى الرتب حتى استطاع أن يتولى الحكم كخلف لغرديانوس، كطلب الجيش بينما كان غرديانوس على سرير الموت سنة 244م، وكانت الحرب دائرة بين الرومان والفرس. أخيراً إذ استتب الأمر بعقد مصالحة مع سابور الأول ملك الفرس، قتل فيلبس ابن الملك غرديانس الذى كان قد أوصاه به ووكل إليه عنايته، حتى يخلو له الجو منطلقاً إلى روما بمساندة الجيش. فى الطريق مرّ بإنطاكية وكان عيد القيامة قد حلَّ، فذهب فيلبس إلى الكنيسة يقدم قرابينه كعادة المؤمنين. وإذ بلغ باب الكنيسة ومعه أحد كبار رجال الجيش خرج إليه البطريرك بابيلاس ومنعه من الدخول إلى بيت الله مالم يقدم توبة صادقة عن قتله للطفل البرئ، وبالفعل لم يدخل فيلبس إلى الكنيسة وبقى فى الخارج مع جماعة الباكين يطلب بدموع مراحم الله.

بقى فيلبس خمس سنوات ملكاً (244 ـ 249 ) لم يخدم فيها الكنيسة بشئ، لا بقليل ولا بكثير، إنما يمكن أن يقال أن الكنيسة استراحت فى أيامه من الاضطهاد للعمل الرعوى والكرازى لتجابه حلقات من الضيق الشديد بعد ذلك.

فى عام 249م ثار الجند عليه كما على سلفه وقتلوه ليخلفه داكيوس أحد أعضاء مجلس الشيوخ، كان قد وثق فيلبس فيه وطلب منه أن يخمد ثورة الجيوش عليه لكنه خانه واحتل مركزه، وكأن ما قد سبق صنعه فى سلفه غرديانوس ارتد عليه. وكما قال الكتاب: "كما فعلت يفعل بك، عملك يرتد على رأسك" وأيضاً: "لأن كل الذين يأخذون السيف بالسيف يهلكون".

تولى داكيوس الحكم لمدة سنتين تقريباً لم يكن له عمل سوى اضطهاد الكنيسة. وفى أيامه ألقى القبض على البطريرك بابيلاس ومعه ثلاثة أولاد أعمارهم 12، 9، 7 سنوات كان يهتم بهم البطريرك، وصار الوالى يعذب الأربعة حتى مات الأولاد الثلاثة من العذابات أمام عينى البطريرك، وأخيراً ألقى بابيلاس فى السجن ليرقد فى الرب من شدة الآلام، وإن كان القديس يوحنا الذهبى الفم يرى أنه قطعت رأسه.

بنى القيصر غاليوس ـ أخ يوليانوس الجاحد ـ كنيسة فخمة باسم الشهيد بابيلاس فى ضواحى مدينة إنطاكية وذلك فى منصف القرن الرابع وجاء أخوه يوليانوس فهدمها، فحمل المؤمنون رفاته إلى المدينة بالتسابيح.

شيد الغربيون كنائس كثيرة فى فرنسا وإيطاليا باسم الشهيد، لإعجابهم بغيرته وشجاعته. ويحتفلون بعيده فى 24 يناير بينما يحتفل اليونانيون به فى 4 سبتمبر.

بركة صلواته وطلباته تكون معنا أمين.