15 بؤونة: تسليم رفات القديس العظيم مارمرقس الرسول من يد البابا بولس  السادس بابا روما 

وفي مثل هذا اليوم من سنة 1684 للشهداء الأطهار الموافق السبت 22 من شهر يونية سنة 1968م وفي السنة العاشرة لحبرية البابا كيرلس السادس وهو البابا المائة والسادس عشر في سلسلة باباوات الكرازة المرقسية تسلم الوفد الرسمي الموفد من قبل البابا كيرلس السادس رفات القديس العظيم مار مرقس الرسول كاروز الديار المصرية والبطريرك الأول للكرازة المرقسية، من يد البابا بولس السادس بابا روما في القصر البابوي بمدينة الفاتيكان.

وكان الوفد مؤلفا من عشرة من المطارنة والأساقفة بينهم سبعة من الأقباط وثلاثة من المطارنة الأثيوبيين، وثلاثة من الأراخنة. أما المطارنة والأساقفة فهم علي التوالي  بحسب أقدمية الرسامة: الأنبا مرقس مطران أبو تيج وطهطا وطما وتوابعها رئيس الوفد، الأنبا ميخائيل مطران أسيوط وتوابعها والأنبا بطرس مطران أخميم وساقلته وتوابعهما والأنبا يوحنس مطران تيجرى وتوابعها بأثيوبيا والأنبا لوكاس مطران أروسى وتوابعها بأثيوبيا والأنبا بطرس مطران جوندار وتوابعها بأثيوبيا، والأنبا دوماديوس أسقف الجيزة وتوابعها، والأنبا غريغوريوس أسقف عام الدراسات اللاهوتية العليا والثقافة القبطية والبحث العلمي، والأنبا بولس أسقف حلوان وتوابعها.

وأما الأراخنه المدنيون بحسب ترتيب الحروف الأبجدية فهم الأستاذ إدوارد ميخائيل الأمين العام للجنة الملية لأوقاف البطريركية والأستاذ فرح اندراوس الأمين العام لهيئة الأوقاف القبطية  والأستاذ المستشار فريد الفرعوني وكيل المجلس الملي بالإسكندرية.

وقد غادر الوفد البابوي السكندري القاهرة بعد ظهر يوم الخميس 23 بؤونة سنة 1684ش الموافق 20 يونية سنة 1968م في طائرة خاصة يرافقه فيها نحو 90 من أراخنة القبط بينهم سبعة من الكهنة.

وكان في استقبالهم بمطار روما بعض المطارنة والكهنة موفدين من قبل البابا بولس السادس، وسفير جمهورية مصر العربية لدى الفاتيكان.

وتحددت الساعة الثانية عشرة من صباح يوم السبت 15 بؤونة الموافق 22 يونية لمقابلة الوفد البابوي السكندري لبابا روما وتسلم رفات مار مرقس الرسول. وقبيل الموعد المحدد بوقت كاف تحرك الركب المؤلف من الوفد البابوي السكندري وأعضاء البعثة الرومانية الكاثوليكية برياسة الكاردينال دوفال كاردينال الجزائر ومعه المطران فيلبرا اندرز  أمين عام لجنة العمل علي اتحاد المسيحيين والمطران أوليفوتى مطران البندقية (فينسيا) وثلاثة من الكهنة في موكب رسمي وقد أقلتهم سيارات الفاتيكان الفاخرة تتقدمها الدرجات البخارية إلى القصر البابوي بمدينة الفاتيكان.

وفي الساعة عشرة تماما دخل الوفد البابوي السكندري يتقدمه الأنبا مرقس مطران أبو تيج وطهطا رئيس الوفد، يتبعه المطارنة والأساقفة بحسب ترتيب الرسامة ثم الأراختة، وكان البابا بولس السادس عند مدخل مكتبة الخاص واقفا يستقبل رئيس وأعضاء الوفد الواحد بعد الآخر. ثم جلس علي عرشه وجلس أعضاء الوفد، وبدأ البابا بولس السادس يتكلم وهو جالس يحيى الوفد ومشيدا بالبابا كيرلس السادس  وبكنيسة الإسكندرية ويهنئ بافتتاح الكاتدرائية المرقسية الجديدة وباستلام رفات مار مرقس الرسول. ورد الأنبا مرقس رئيس الوفد بكلمة قصيرة قال فيها أنه يحمل إليه تحيات  أخيه بابا الإسكندرية ثم سلمه خطابا من البابا كيرلس السادس، يوجه فيه الشكر إليه ويفيده بأسماء أعضاء الوفد الرسمي الذين انتدبهم نيابة عنه لاستلام رفات مارمرقس الرسول. ثم نهض البابا بولس ونهض أعضاء الوفد معه، وحمل بابا روما ورئيس الوفد السكندري  معا الصندوق الحاوي لرفات مار مرقس، وسار الكل اثنين اثنين في موكب رسمي وانتقلوا من مكتب البابا إلي قاعة كبيرة كانت قد أعدت لاستقبال الأقباط المرافقين للوفد الرسمي ليشهدوا اللحظة المقدسة السعيدة،  ووضع صندوق الرفات علي مائدة خاصة ثم تقدم الحبر الروماني وسجد أمام الصندوق وقبله، وفعل كذلك الوفد البابوي السكندري وتلاه بقية أعضاء الوفد. وفي أثناء أداء هذه التحية الإكرامية لرفات مار مرقس الرسول كان الكهنة القبط ينشدون الألحان الكنسية المناسبة، وقد استحوذت السعادة علي قلوب الجميع مصريين وأجانب ومرت تلك اللحظات رهيبة وسعيدة، وكان الموقف كله مثيرا، وقد خيم علي القاعة جو عميق من الروحانية والتقوى والقداسة والورع. 

ثم جلس بابا روما علي عرشه وحينئذ نهض الأنبا غريغوريوس وألقى نيابة عن الوفد خطابا باللغة الإنجليزية نقل فيه تحية البابا كيرلس السادس إلى البابا بولس السادس، معبرا عن سعادة مسيحيي مصر وأثيوبيا بعودة رفات مار مرقس بعد أحد عشر قرناً ظل فيها جسد مار مرقس غريبا عن البلد الذى مات  فيه شهيدا .

ورد بابا روما في خطاب رسمي باللغة الفرنسية كان يقرأه وهو جالس علي عرشه أشاد فيه بتاريخ كنيسة الإسكندرية، ونضالها الطويل الرائد في ميدان العقيدة، وأشاد أيضا بأبطالها وعلمائها من أمثال أثناسيوس الرسولي و كيرلس عمود الإيمان وبنتينوس واكليمنضس، راجيا أن يكون حفل اليوم علامة محبة ورابطة تربط بين كنيسة الإسكندرية وكنيسة روما، وطلب البابا الرومانى في خطابه إلى رئيس وأعضاء البعثة البابوية الرومانية أن يحملوا تحياته ومحبته وتقديره إلى البابا كيرلس السادس وإكليروس كنيسة الإسكندرية ومصر وشعبها .

وبعد ذلك نهض البابا بولس والأنبا مرقس رئيس الوفد ليتبادلا الهدايا التذكارية فقدم  الأنبا مرقس هدايا البابا كيرلس السادس. وهى أربع:

   1.    صندوق فاخر مغطى ومبطن بالقطيفة الحمراء ويحمل كتاب العهد الجديد باللغة القبطية البحيرية، مجلد بجلد فاخر بلون بنى ممتاز، وكتب عليه الإهداء باللغتين القبطية والإنجليزية من البابا كيرلس إلى البابا بولس السادس مع الإشارة إلى تاريخ اليوم وهو السبت 22 يونية 1968 الموافق 15 بؤونة 1684.

   2.    صندوق فاخر مغطي ومبطن بالقطيفة الحمراء ويشتمل علي قطعة نسيج أثرية ثمينة من القرن الخامس والسادس الميلادى عثر عليها في بلدة الشيخ عبادة بمحافظة المنيا،وقد كانت هذه القطعة  ضمن محفوظات المعهد العالي للدراسات القبطية بالقاهرة قدمها للبابا كيرلس السادس مساهمة وتعبيرا عن السرور العام بعودة رفات مار مرقس.

   3.    صندوق فاخر مغطى ومبطن بالقطيفة الحمراء ويحمل اسطوانات القداس الباسيلى وألحانه كاملة، التى أصدرها قسم الموسيقى والألحان بالمعهد العالي للدراسات القبطية.

   4.    صندوق فاخر مغطى ومبطن بالقطيفة الحمراء ويحمل سجادة ممتازة طولها متران و30 سنتيمترا من صنع فلاحى قرية الحرانية بمصر تحت إشراف الفنان الدكتور رمسيس ويصا واصف الأستاذ بالمعهد العالي للدراسات القبطية، وقد سجل على هذه السجادة رسوم عدة تمثل قصة يوسف الصديق كاملة.

وقد أعجب بابا روما بهذه الهدايا الثمينة كل الإعجاب وشكر بابا الإسكندرية شكرا جزيلا وقال أنه سيحتفظ بهذا كله في الفاتيكان ذخيرة لكل الأجيال. ثم وزع البابا بولس السادس بيده هدية تذكارية لكل أعضاء الوفد البابوي السكندري عبارة عن صليب رسم عليه المسيح مصلوبا ويقف على جانبي الصليب القديس بطرس الرسول علي يمين المسيح والقديس بولس الرسول علي يساره ومن خلف الصليب نقش اسم بولس السادس الحبر الأعظم. كما أهدى البابا لجميع الكهنة والمرافقين ميداليات تذكارية نقشت عليها صورتا مار بطرس  ومار بولس الرسولين من جهة، وعلي الوجه الآخر نقش صورة بولس السادس الحبر الروماني، ثم قدم البابا الروماني للأنبا مرقس رئيس الوفد البابوي السكندري وثيقة رسمية بتاريخ 28 مايو سنة 1968م تشهد بصحة الرفات وأنها بالحقيقة رفات مار مرقس الرسول وأنها استخرجت من مكانها الأصلي بكل وقار، وقد وقع عليها أسقف بورفير حارس ذخيرة الكرسي الرسولي ووكيل عام مدينة الفاتيكان. وكانت الساعة قد صارت الأولي بعد الظهر، وبذلك انتهى الحفل الرسمي لتسليم رفات القديس مرقس وعاد الوفد إلى فندق ميكل انجلو (الملاك ميخائيل ) بروما.

بركة مار مرقس الرسول تشمل الجميع. ولربنا المجد دائما. أمين.