20 بشنس:  نياحة القديس أمونيوس المتوحد 

في مثل هذا اليوم من سنة 73 للشهداء الموافقة لسنة 357م تنيح القديس أنبا أمونيوس. ولد هذا القديس في سنة 294م بجوار مريوط، وهو كزميلة انطونيوس، كان من أسرة مسيحية تقية غنية، وفقد أبويه وهو في سن الحداثة، فبات تحت وصاية عمه. وكانت كل آماله متجهة إلى عيشة البتولية والقداسة. غير أن عمه خطب له فتاة غنية علي غير إرادته. ولما لم يكن فى قدرته مخالفه أمر عمه، أخذ في مخاطبة خطيبته بالأقوال الروحية. وقد استطاع بسيرته المقدسة أن يؤثر عليها تأثيرا حسنا، فحبب إليها عيشة الطهارة، وغرس في قلبها الميل إلى تكريس النفس لتكون عروسا للعريس الحقيقي يسوع المسيح. ومن ثم اتفق الاثنان على أن يقبلا عقد زواجهما، وهما مصممان على أن يعيشا معا كأخ وأخت.

وقد لبثا على هذه الحال مدة طويلة، وهما يحافظان على شروط العفة والأمانة، حتى مرت سبع عشر سنة على زواجهما، وبعدها انتقلت الزوجة إلى الدار الأبدية. فرأى هذا القديس في حلم أن القديس أنطونيوس يدعوه إلى لبس إسكيم الرهبنة. ولما استيقظ من النوم، نهض وذهب إلى حيث يقيم القديس إيسيذورس، الذى ألبسه الإسكيم المقدس، وأقام عنده مدة من الزمن. ثم قصد بعد ذلك جبل تونة حيث يقيم القديس أنطونيوس.

وقد أقام القديس أمونيوس عند القديس أنطونيوس مدة وتتلمذ له ودرس علي يديه قوانين الرهبنة المقدسة. ثم بنى له مغارة في تونة الجبل. وهناك أجهد نفسه بعبادات كثيرة. فحسده الشيطان وأتاه في شكل راهبة وقرع بابه. فلما فتح له وطلب منه أن يصليا معا تحول الشيطان إلى لهيب نار. ثم مضى وسكن في امرأة وأغراها علي إيقاع القديس في الخطية. فلبست أفخر ثيابها واتت إليه نحو الغروب. وبدأت تقرع باب مغارته قائلة: "أنني امرأة غريبة، وقد ضللت الطريق وأمسى علي الوقت، فلا تدعني خارجا لئلا يأكلنى وحش وتكون أنت المطالب بدمى." فلما فتح لها وعرف مكيدة الشيطان الذى أرسلها، أخذ يعظها ويخيفها من عذاب الجحيم المعد للخطاة، ويذكر لها الغبطة المعدة للصديقين. ففتح الرب قلبها وفهمت قوله، وخرت عند قدميه باكية وسألته أن يقبلها ويساعدها على خلاص نفسها. ثم نزعت عنها ثيابها. فألبسها ثوبا من شعر، وقص شعرها وسماها الساذج ثم علمها طريق الفضيلة فسارت فيه سيرا حميدا حتى فاقت القديسين، بصومها الكثير وصلاتها المتوالية.

ثم عاد الشيطان فدبر حيلة أخرى وذلك أنه لبس زي راهب، وصار يتردد علي الأديرة ويقول للرهبان وهو باك: "إن الأنبا أمونيوس الناسك قد تزوج بامرأة، ويحتفظ بها في المغارة، فجلب بعمله هذا الفضيحة لكم والإهانة للإسكيم المقدس." فلما سمع بذلك الأنبا أبللو المتشبه بالملائكة، أخذ معه الأنبا يوساب والأنبا نوهى. فلما قرعوا باب المغارة وفتحت لهم تحققوا الأمر. فلما دخلوا وصلوا كالعادة ثم جلسوا يتحدثون في عظائم الله إلى آخر النهار. فقال لهم الأنبا أمونيوس: "هلموا لنرى الساذج لأنها تخبز لنا قليلا من الخبز." فلما خرجوا إليها وجدوها واقفة تصلى وسط اللهيب وهو شديد التوهج، ويداها مبسوطتان. فتعجبوا من ذلك ومجدوا الله. وبعد أن أكلوا من الخبز وشربوا، انفرد كل واحد لينام. فعرف ملاك الرب الأنبا أبللو بقضية الساذج مع الأنبا أمونيوس وأن الرب أرسلهم إلى هنا لكى يحضروا نياحتها.

وقد تم قول الملاك، إذ أنها نحو الساعة الثالثة ليلا اعترتها حمى شديدة، فسجدت للرب وأسلمت روحها بيده، فكفنوها وبعد الصلاة دفنوها. ثم عرفهم الأنبا أمونيوس بفضائلها. وأنها قامت عنده 18 سنة لم ترفع وجهها فوق لترى وجهه. وكان طعامها خبزا وملحا. وبعد ذلك أوفده القديس أنطونيوس إلى وادي النطرون ليؤسس أديرة هناك فتبعه جمهور من المؤمنين، فنظم لهم أحوال معيشتهم واستمر يسوسهم بالفضيلة، وبعد قليل تنيح هذا الأب القديس. صلاته تكون معنا. ولربنا المجد دائما. آمين.

 آمون أو أمونيوس معنى اسمه المختفى أو المحتجب. هو الأب آمون الراهب مؤسس الرهبنة فى جبل نتريا وتعيد الكنيسة اليونانية للقديس آمون فى اليوم الرابع من شهر أكتوبر (عن كتاب : روحانية التسبحة الأنبا متاؤوس) 

ولما رأى الأب آمون أن تلاميذ كثيرين يأتون إليه وتكاثرت حوله القلالى وتقاربت بينها المسافات فضل لنفسه الانفراد فانتقل إلى الصحراء الداخلية فى المكان الذى عرف فيما بعد باسم "سيليا" أو منطقة القلالى، وكان هذا الانتقال واختيار المكان بإرشاد القديس أنطونيوس الكبير الذى حضر لزيارة آمون وأوضح له قيمة منطقة "سيليا" كمكان مناسب للعزلة للراغبين فى الانفراد من رهبان نتريا. فأصبحت منطقة نتريا أو برنوج للمبتدئين ومنطقة القلالى "سيليا" للمتقدمين الراغبين فى الكمال الرهبانى. وأشهر فضيلة اشتهر بها القديس آمون هى فضيلة الرجاء الشديد، وهى صفة إذا فقدها الإنسان تطبع بطبائع الحيوان، وفقد جمال إنسانيته.

وكانت حياته بسيطة جداً، يكتفى بالقليل من الخبز ولا يشرب إلا الماء، وكان أحياناً يقضى يوماً أو يومين فى الصوم الكامل. (عن كتاب : روحانية التسبحة الأنبا متاؤوس) 

فى أواخر حياته زار القديس الأنبا أنطونيوس أب الرهبان ، وهناك تنبأ له القديس بقرب انتقاله، وبعد رجوعه إلى مقره بقليل رقد فى الرب بالغاً من العمر 62 عاماً، وقد رأى القديس أنطونيوس وهو فى جبل العربة بالصحراء الشرقية نفس القديس آمون وهى صاعدة إلى السماء بين تهليل الملائكة والقديسين مع أنه تنيح فى الصحراء الغربية. (عن كتاب : روحانية التسبحة الأنبا متاؤوس وأيضاً كتاب: الرهبنة القبطية الأب متى المسكين)