7 بشنس: نياحة القديس أثناسيوس الرسولى العشرين من باباوات الكرازة المرقسية  

في مثل هذا اليوم من سنة 89 ش (373م) تنيح البابا العظيم الأنبا أثناسيوس الرسولى العشرين من باباوات الكرازة المرقسية. وقد ولد هذا الأب من أبوين وثنين نحو سنتي 295، 298م. وحدث وهو في المكتب أن رأي بعض أولاد المسيحيين يقومون بتمثيل الطقوس المسيحية، فجعلوا البعض منهم قسوسا والبعض شمامسة وأحدهم أسقفا. فطلب أن يشترك معهم، فمنعوه قائلين: "إنك وثنى لا يجوز لك الاختلاط بنا." فقال لهم: "أنا من الآن نصراني." ففرحوا به وجعلوه عليهم بطريركا، وأجلسوه في مكان عال، وصاروا يقدمون له الخضوع. واتفق عبور البابا الكسندروس في تلك الساعة، فلما رآهم علي هذه الحال قال للذين معه عن أثناسيوس: "لابد أن يرتقي هذا الصبي إلى درجة سامية يوما ما."

ولما مات والد القديس أثناسيوس أتت به أمه إلى البابا الكسندروس فعلمهما أصول الدين المسيحي وعمدهما. وفرقا كل مالهما علي المساكين، ومكثا عند البابا البطريرك، فعلم أثناسيوس علوم الكنيسة، ورسمه شماسا وجعله سكرتيرا خاصا له. فتضاعفت عليه مواهب الروح. واختير للبطريركية في 8 بشنس سنه 44ش في 5 مايو سنة 328م بعد نياحة البابا الكسندروس.

وكان البابا الكسندروس قد أوصى بانتخاب أثناسيوس شماسه، الذى انفرد مع القديس أنطونيوس أب الرهبان، وأخذ منه النسك، والذي ظهر نبوغه في فضح أريوس في المجمع المسكونى عندما قال أريوس عن السيد المسيح (المشابه في الجوهر) فقال أثناسيوس( المساوى في الجوهر)، وبهذا ظهر نبوغه.

ولكن أثناسيوس بعد وفاة البابا اختفى في الجبال ـ لاعتقاده بعدم أهليته لهذا المركز الخطيرـ فسعى الشعب وراءه إلى أن عثر عليه وأحضره إلى الأساقفة، فرسموه بابا سنة 327م.

وقد شهد سقراط المؤرخ"في ك 2 ف 38": "أن فصاحة أثناسيوس في المجمع النيقاوى جرت عليه كل البلايا التى صادفها في حياته".

وبعد أن صار بابا رسم لأثيوبيا أول مطران لها، هو الأنبا سلامة، فاستقرت الأمور الدينية فيها، بعد أن تبعت الكرازة المرقسية.

وقد نفي البابا عن كرسيه خمس مرات.

الأولى: عندما حاول أريوس، بعد حرمه، أن يرجع ثانية إلى الإسكندرية.

وقدم الملك قسطنطين خطابا مملوءا بعبارات ملتبسة، تأثر بها الملك، وطلب من أثناسيوس البابا أعادته. فرفض البابا  قبوله لما في ذلك من مخالفة لقرار المجمع المسكونى. فقام الأريوسيون بإلصاق بعض التهم بالبابا منها:

      1.        أنه يساعد البابا فيلومنيس الثائر علي الحكومة.

      2.        أنه كسر كأس القس أسكيرا وهدم مذبحه.

      3.        أنه قتل الأسقف أرسانيوس، واستخدم ذراعيه في السحر.

      4.        أنه اغتصب أيضا راهبة.

وقد برأ البابا نفسه من التهمة الأولى، وانعقد مجمع في صور ضد البابا أغلبه من الأريوسيين، ونظر المجمع في التهم، ففي الأولى حرك الرب قلب القس اسكيرا الذى اتفق معهم علي شهادة الزور وبرأ البابا.

وفي التهمة الثانية حضر الأسقف أرسانيوس عن اتفاقهم الذى اتهم البابا زورا بقتله. فحفظه البابا في غرفة مجاورة. وكان الأريوسيون قد أحضروا ذراعي ميت، وادعوا أنهما لأرسانيوس ولكن أرسانيوس أظهر ذراعيه للجمع وأظهر ندامته، فقال الأريوسيون أن أثناسيوس ساحر استطاع أن يوجد ذراعين. وهاجوا ضده، فخرج أرسانيوس من وسطهم ومضى للملك.

ثم نظرت تهمة الراهبة، وأتوا بفاجرة ادعت هذا الإدعاء علي القديس. فقال تيموثاوس من حاشية البابا: "كيف تتجاسرين وتقولين أني نزلت ببيتك، وقهرت إرادتك؟" فظنت أنه أثناسيوس، لأنها لم تكن تعرفه، وقالت: "أنت هو". فافتضح أمرها.

أما البابا فلم يستطع مقابلة الملك بسبب تدخل الأريوسيين، الذين اتهموه لدي الملك أنه يمنع تصدير الغلال من الإسكندرية إلى الملك، فأصدر الملك أمره بنفي البابا إلى تريف في فرنسا في 5 فبراير سنة 335م حيث قابله أسقفها بإكرام جزيل.

ولكن أريوس مات ميته شنيعة كما قال سقراط ( ك1 ف 68): "إنما أمات الله أريوس في مرحاض عمومي، حيث اندلقت أمعاؤه". وقد اعتبر الشعب هذه الميتة انتقاما من العدل الإلهي.

فلما بلغ الملك ذلك عرف براءة البابا، وأوصى سنة 337م بإعادته وهو على فراش الموت. وقسمت المملكة بعده إلى قسطنطين الصغير على فرنسا. وصارت تابعة لقسطنديوس، وإيطاليا إلى قسطاس. وبتوسط قسطنطين رجع البابا سنة 338 م، فاستقله الشعب بفرح وصار كل بيت ككنيسة.

النفى الثانى

لكن الأريوسيين لم يسكتوا، فعقدوا مجمعا حرموا فيه أثناسيوس. وعينوا بدله غريغوريوس، وبعثوا بالقرار إلى يوليوس أسقف روما. فعقد البابا سنة 340م مجمعا بالإسكندرية احتج فيه علي الأريوسيين. ثم حرر رسالة دورية لجميع الكنائس فظهرت منها براءته.

ولكن الأريوسيين أثروا علي فيلوغوريوس، ليساعد بطريركهم للاستيلاء علي كنائس الإسكندرية، وأثروا علي الإمبراطور قسطنديوس أيضا.

فارتاع الشعب الإسكندري، وقرر المقاومة، إلا أن الأريوسيين هجموا علي الكنائس يوم جمعة الصلب، وهتكوا العذارى، وذبحوا كثيرين من المصلين.

فاستغاث البابا بكل كنائس العالم. وترك كرسيه وسافر إلى روما. وانعقد مجمع في سرديكا وقرروا أولا: براءة البابا أثناسيوس، وثانيا: تثبيت قانون مجمع نيقية، ثالثا: حرم الأساقفة الأريوسيين، ورابعا: عزل غريغوريوس. وانتدبوا أسقفين ليقابلا الإمبراطور قسطاس حاكم إيطاليا، الذي وافق علي ما قرره المجمع، وهدد شقيقه بالحرب إن لم يرجع البابا أثناسيوس وفي هذه الأثناء قام الشواذ من المصريين بقتل غريغوريوس سنة 349م. فعاد البابا إلى كرسيه مرة ثانية. واستقبل الشعب البابا كما قال غريغوريوس الثيؤلوغى واضع القداس: "كان ازدحامهم أشبه بالنيل عند فيضانه". وأشار إلى سعف النخل والأبسطة وكثرة الأيدي المصفقة.

خروج البابا للمرة الثالثة بسبب قسطنديوس.

احتمل الأريوسيون علي مضض رجوع أثناسيوس ، إلى أن مات قسطاس حاكم إيطاليا، وأوغروا صدر قسطنديوس. فحكم بمجمع أريوس بنفي البابا أثناسيوس، فذهب الجند إلى كنيسة السيدة العذراء التى بناها البابا ثاؤنا. وكان البابا يصلي صلاة الغروب ويقول: "لأن إلى الأبد رحمته " فاندفع الجند بشدة إلى داخل الكنيسة للقبض علي البابا، لكن الله وضع غشاوة علي عيونهم فلم يميزوه عن الشعب، وانطفأت المصابيح، وخرج البابا وذهب إلى الصحراء وبقى مدة مع الآباء الرهبان. وعين الآريوسيون جورجيوس الكبادوكى أسقفا فأحرمه الأرثوذكس، واستولى علي أوقاف الكنائس. إلا أن الوثنين الذين اضطهدوهم قتلوه واحرقوا جسده.

عودة البابا بسبب يوليانس ثم تركه الكرسي للمرة الرابعة

لم يستمر الحال هكذا، فقد مات الإمبراطور قسطنديوس، وقام ابن عمه يوليانوس، وكان يريد أن يجذب قلوب الشعب فطلب إرجاع أثناسيوس، فعقد البابا مجمعا سنة 362م، ووضع شروط قبول الأريوسيين الراجعين. كما اهتم بالتبشير وسط الوثنيين. فلم يلق هذا قبولا لدى يوليانس الذي كان يحب الوثنيين.

فطلب القبض علي أثناسيوس، فخرج البابا من الإسكندرية وركب مركبا إلى الصعيد، فتبعه الوالي في مركب أخرى. ولما اقتربت من موكب البابا سألوا عن مركب البابا أثناسيوس؟  فقالوا: "إنها كانت ذاهبة إلى طيبة، وهو ليس ببعيد عنكم". فأسرع الوالي بمركبه في طريقه. ولما وصل إلى أقرب مدينة لم يعثر علي أثناسيوس. لأنه كان قد اختفي في مكان آخر .

وقد تأثر من حوله لكثرة الاضطهادات التى وقعت عليه. فأظهر لهم أنه، في وقت الاضطهاد، يشعر بسلام داخلي وبازدياد شموله بنعمة الله، أكثر من الوقت العادي.

ثم زاد في قوله: "إن اضطهاد يوليانس كسحابة صيف سوف تنقشع". وبينما هم في هذه الأحاديث أتاهم الخبر أن يوليانوس قد قتل في حرب الفرس. وقد قتله مرقوريوس أبو سيفين. وقد لفظ الدم من جسده وهو يقول" لقد غلبتني يا ابن مريم."

عودة البابا وانفراده للمرة الخامسة بعيدا عن كرسيه. وذلك في مقبرة أبيه

وبعد أن قتل يوليانوس تولي يوبيانس، ثم تولى فالنز وكان أريوسيا. وفي سنة 367م أصدر قرارا بنفي البابا. فاضطر أن يهجر الإسكندرية، ويختفى في مقبرة والده. قتل في أثنائها الملك ثلاثين أسقفا من الموالين لأثناسيوس. ومع هذا رأي صلابة الأقباط، فقرر رفع الاضطهاد عنهم وإعادة أثناسيوس إلى كرسيه سنة 368م

ومع أن أثناسيوس كان قد بلغ من العمر 72 سنة إلا أنه لم يقصر في واجباته. ولثبات البابا في الحق أتى المثل الإفرنجي " أثناسيوس ضد العالم".  وللبابا أثناسيوس  كتب عدة عن الأريوسيين وفي التجسد وغيرها. وقد قرظ الأنبا قزمان هذه المؤلفات في قوله: "من يجد شيئا منها فليكتبه حالا علي قرطاس، ومن لم يجد فليدونه علي ثيابه".

وهذا البابا هو أول من لبس زي الرهبنة من يد القديس أنطونيوس، وجعله زيا لكل البطاركة والأساقفة. وهو الذى رسم القديس أنطونيوس قساً فقمصاً. وتنيح بسلام بعد أن قضي علي الكرسي المرقسي خمسا وأربعين سنة.

صلاته تكون معنا. ولربنا المجد دائما أمين.

هذه المعلومة غريبة وغير مؤكدة وغالباً غير صحيحة حيث لم تذكر  فى أى من المراجع المعروفة.