23 برمهات: نياحة الصديق العظيم دانيال النبي 

في مثل هذا اليوم من السنة الأخيرة لملك قورش ملك بابل تنيح الصديق العظيم دانيال النبي. كان هذا النبي من سبط يهوذا ومن نسل داود الملك. وسباه نبوخذنصر ملك بابل مع الشعب الإسرائيلي عندما استولي علي أورشليم سنة 2398 للعالم، ولبث في بابل مدة سبع سنين. وكان هذا النبي صغير السن. ومع هذا سلك سيرة فاضلة كاملة، وحل عليه روح الله وتنبأ في بابل.

وفي السنة الرابعة من السبي أبصر نبوخذنصر رؤيا مخيفة، فأرجفته. ولما استيقظ من نومه كان قد نسيها. فجمع كل حكماء بابل وطلب منهم معرفة ما رآه وتأويله. وإذ أجابوا بعدم استطاعتهم ذلك، أمر بقتلهم جميعا ومن بينهم دانيال والثلاثة فتية أيضا. إلا أن هؤلاء التجأوا إلى الله بالتوسلات أن يكشف لهم حقيقة الرؤيا فاستجاب تعالي تضرعاتهم، وأظهر حقيقتها لدانيال. فذهب إلى الملك وقص عليه الرؤيا، وفسرها له ثم أعلمه عن الملوك الذين يملكون بعده، وما يحدث لكل واحد منهم. فاستحسن نبوخذنصر قول دانيال وسجد له، ومنحه عطايا جزيلة. وجعله رئيسا علي جميع حكماء بابل.

ثم بعد زمن رأي الملك حلما آخر، ففسره له دانيال أيضا وعرفه أن الله لأجل تكبره سيطرده من بين البشر، ويسكنه مع الوحوش في البراري سبع سنين يأكل فيها العشب مع البهائم .ثم يعيده إلى ملكه. فتم هذا الأمر لنبوخذنصر.

وقد فسر أيضا دانيال لبيلشاصر بن نبوخذنصر ما كتبه له الملاك علي الحائط عندما شرب خمرا في آنية بيت الرب وقال له دانيال: "وأنت أيها الملك لم تضع قلبك مع أنك عرفت كل ما جري لأبيك لتعظمه وكبريائه. بل تعظمت علي رب السماء. فشربت خمرا أنت وعظماؤك وزوجاتك وسراريك في آنية بيت الرب. فها هو الرب قد أرسل من قبله طرف اليد الكاتبة فكتبت هذه الكتابة التي هي: منا منا تقبل وفرسين. وتفسيرها منا أي أحصي الله ملكوتك وأنهاه. وتقيل أي وزنت بالموازين فوجدت ناقصا. وفرس أي قسمت مملكتك وأعطيت لفارس ومادي". وقد تم كل ذلك بقتله مع عظمائه. وبموته انتهي دور تملك الكلدانيين، وملك داريوس الفارسي.

وكان في بابل صنم اسمه بيل يتعبد له داريوس الملك. ولما سئل دانيال لماذا لا يسجد له. أجاب: "أنه لا يعبد شيئا لا حياة فيه". فقال الملك: "كيف ذلك وهو حي لأنه يأكل كل يوم اثني عشر مكيالا من السميذ وأربعين كبشا ويشرب ستة أقداح من الخمر". فأعلمه دانيال عدم صحة ذلك.

حينئذ قبض الملك علي كهنة بيل السبعين مع نسائهم وبنيهم وعذبهم حتي كشفوا له الباب السري الذي كانوا يدخلون منه. فقتلهم جميعا ودفع هذا الصنم إلى دانيال فسحقه وهدم مذبحه. فثار الشعب ضد الملك طالبين منه أن يسلمهم دانيال وإلا قتلوه فأضطر لتسليمه إليهم فأخذوه وطرحوه في جب الأسود. فحرسه الله سالما وأهلك أعداءه.

ورأي دانيال النبي في رؤياه الممالك والملوك الآتين بعده حتى آخر الزمان. وشاهد مجد الله وعظمته. وأبصر شرف المسيح وألوهيته. وتنبأ عن مجيئه وموته، وعن خراب بيت المقدس وأبطال القرابين والذبائح. وتم ذلك جميعه.

وقد أقام هذا النبى العظيم فى بابل مدة السبعين سنة. ثم تنيح بسلام . صلاته تكون معنا ولربنا المجد دائماً. أمين. وقد أقام هذا النبي العظيم في بابل مدة السبعين سنة. ثم تنيح بسلام. صلاته تكون معنا. ولربنا المجد دائما. آمين .