20 برمهات: نياحة القديس الأنبا خائيل السادس والخمسين من باباوات الكرازة المرقسية 

في مثل هذا اليوم من سنة 623ش (16 مارس 907م) تنيح القديس الأنبا خائيل السادس والخمسين من باباوات الكرازة المرقسية. رسم بطريركا في 30 برمودة سنة 596ش (25 أبريل سنة 880م). وكان ذا خصال حميدة، غير أن أحزانا شديدة حلت به؛ منها أن البابا قسما كان قد بني كنيسة علي  اسم الشهيد ابطلماوس ببلدة دنوشر التابعة لأسقف سخا.

وحدث أن أهالي دنوشر أرادوا أن يدعوا الأب البطريرك وبعض الأساقفة المجاورين لتكريس هذه الكنيسة. فلم يطب لديه هذا الأمر. ولما عملوا علي غير رغبته، وجاء الأب البطريرك ومعه الأساقفة، لم يقبل هذا الأسقف البقاء، فخرج من الكنيسة مدعيا أنه ذاهب ليهتم بأمر طعامهم.

فلما طال غيابه كثيرا وحان وقت القداس صلي الأب البطريرك صلاة الشكر ورفع القرابين بعد إلحاح من الأساقفة وبما له من حقوق الرئاسة. وعلم الأسقف بذلك فدفعه شره وحبه لمجد العالم إلى الغضب بدعوة أن البطريرك تعدي القوانين ورفع قربانا في أبريشيته  بدون إذن صاحبها. وعاد إلى الكنيسة مسرعا إذ دخله الشيطان ودفعه إلى الشر وتعدي علي المذبح الطاهر. أما البابا البطريرك فأكمل صلاة القداس بكل هدوء وكمال.

وفي اليوم التالي عقد البطريرك مجمعا من الأساقفة الذين معه والكهنة والعلماء وحرم ذلك الأسقف وأقام غيره. فازداد غضبا وأضمر سوءا إذ حل الشيطان في قلبه فقام ومضي إلى والي مصر احمد بن طولون وقال له: "إن البطريرك كثير الثروة، واسع الغني."

وكان هذا الوالي آخذا في الاستعداد إلى الحرب محتاجا إلى النفقات فاستدعي الأب البطريرك وطلب منه أموال الكنائس وأوانيها. فأبي أن يعطيها له. فطرحه في السجن مع شماس اسمه ابن المنذر مدة سنة كاملة، كان خلالها لا يقتات بغير الخبز والبقول المسلوقة والملح. فاتفق يوحنا وموسي من كتاب الوالي مع كاتبي وزيره يوحنا ومقار ابنه علي إنقاذ الأب البطريرك واستغاثوا بالوزير فلبي دعوتهم، وشفع لدي الوالي علي شرط دفع مبلغ 20 ألف دينار لابن طولون. فكتب البطريرك تعهدا علي نفسه بدفع المبلغ علي قسطين: الأول بعد شهر، والثاني بعد أربعة أشهر وبهذا أمكنه الخروج من السجن. فلما جاء ميعاد القسط الأول دفع أولئك الكتاب ألفي دينار، وتبرع الوزير بألف. ودفع هذا الأب سبعة آلاف جمعها من الأساقفة والمؤمنين.

وأراد أن يتدبر العشرة الآلاف الأخرى قيمة القسط الباقي. فقصد بلدة بلبيس. وبينما هو يفكر في الأمر إذ براهب رث اللباس مر بتلاميذه وقال لهم: "امضوا وقولا لمعلمكم أن الرب سيمزق عنه صك الغرامة بعد أربعين يوما". فلما علم الأب بذلك طلب الراهب فلم يجده. وقد تم ذلك، إذ لم تمضي تلك المدة حتى توفي ابن طولون. وتولي مكانه ابنه خمارويه سنه 875م. فرأي هذا أن يخلي طرف البطريرك. فاستدعاه وطيب خاطره ثم مزق الصك. 

أما الرجل الشرير الذي سبب هذه المتاعب لقداسة البابا فقد نزل به غضب الله في الحياة والممات، ليكون عبرة لمن يعتبر. وقد قضي هذا الأب علي الكرسي سبعا وعشرين سنة وشهرا واحدا وتسعة أيام ثم تنيح بسلام. صلاته تكون معنا. آمين .