17 برمهات: استشهاد سيدهم بشاي بدمياط

وفي مثل هذا اليوم أيضا تحتفل الكنيسة بتذكار استشهاد سيدهم بشاي بدمياط في يوم 17 برمهات سنة 1565ش ( 25 مارس سنة 1844م) لاحتماله التعذيب علي اسم السيد المسيح حتى الموت. وكان استشهاده سبب في رفع الصليب علنا في جنازات المسيحيين.

فقد كان هذا الشهيد موظفا كاتبا بالديوان بثغر دمياط في أيام محمد علي باشا والي مصر وقامت ثوره من الرعاع بالثغر، وقبضوا علي الكاتب سيدهم بشاي واتهموه زورا أنه سب الدين الإسلامي وشهد عليه أمام القاضي الشرعي بربري وحمَّار. فحكم عليه بترك دينه أو القتل. ثم جلده وأرسله إلى محافظ الثغر. وبعد أن فحص قضيته حكم عليه بمثل ما حكم به القاضي، فجلدوه وجروه علي وجهه من فوق سلم قصر المحافظ إلى أسفله، ثم طاف به العسكر بعد أن أركبوه جاموسة بالمقلوب في شوارع المدينة، فخاف النصارى وقفلوا منازلهم.

أما الرعاع فشرعوا يهزؤون به ويعذبونه بالآت مختلفة إلى أن كاد يسلم الروح. فأتوا به إلى منزله وتركوه علي بابه ومضوا فخرج أهله وأخذوه. وبعد خمسة أيام انتقل إلى السماء.

وكان موته استشهادا عظيما وصار النصارى يعتبرونه من الشهداء القديسين واجتمعوا علي خلاف مذاهبهم، واحتفلوا بجنازته احتفالا لم يسبق له مثيل، حيث احتفل بتشييع جثمانه جهرا. فتقلد النصارى الأسلحة ولبس الكهنة ـ وعلي رأسهم القمص يوسف ميخائيل رئيس شريعة الأقباط بدمياط ـ ملابسهم واشترك معه كهنة الطوائف الأخرى. وساروا به في شوارع المدينة وأمامه الشمامسة يحملون أعلام الصليب ثم أتوا به إلى الكنيسة وأتما فروض الجنازة. وصار الناس يستنكرون فظاعة هذا الحادث الأليم. ويتحدثون بصبر الشهيد سيدهم، وتحمله ألوان العذاب بجلد وسكون.

ثم تداول كبار الشعب المسيحي بثغر دمياط لتلافي هذه الحوادث مستقبلا. فقرروا أن يوسطوا قناصل الدول في ذلك لعرض الأمر علي والي البلاد، والبابا بطريرك الأقباط، ورفعوا إليهما التقارير المفصلة. وتولي هذا الموضوع الخواجة ميخائيل سرور المعتمد الرسمي لسبع دول بثغر دمياط.

فاهتم والي مصر بالأمر. وأرسل مندوبين رسمين لفحص القضية. فأعادوا التحقيق وتبين منه الظلم والجور الذي حل بالشهيد العظيم. واتضح إدانة القاضي والمحافظ. فنزعوا عنهما علامات الشرف ونفوهما بعد التجريد. وطلبوا ـ للترضية وتهدئة الخواطر ـ السماح برفع الصليب جهارا أمام جنازات المسيحيين فأذن لهم بذلك في ثغر دمياط، إلى أن تعمم في سائر مدن القطر في عهد البابا كيرلس الرابع. بركة إيمان هذا الشهيد العظيم تكون معنا. ولربنا المجد دائما. آمين.