16 برمهات: ديماس اللص اليمين 

عن كتاب: قاموس آباء الكنيسة وقديسيها للقمص تادرس يعقوب ملطى

أكد لنا السيد المسيح وهو على الصليب أن هذا اللص الذى عُلق على يمينه قد اغتصب الملكوت. لقد بدأ بمعايرة السيد المسيح، لكنه أدرك خطاياه وحاجته إلى السيد المسيح كمخلص لـه. لقد تمتع بالوعد الإلهى: "اليوم تكون معى فى الفردوس". (لوقا 23: 39ـ 43). وصار هذا الوعد سر بركة للمؤمنين عبر الأجيال.

لا يُعرف عنه شيئاً. ولكن اسم ديسماس (ديماس) مشتق من اليونانية وتعنى "مائت" كما جاء فى "إنجيل نيقوديموس" المزور. وجاء فى "إنجيل الطفولة" المزور أن ديماس هو تيطس أحد المشتركين فى العصابات التى تعرضت للعائلة المقدسة فى طريقها إلى مصر ولكن إذ تعرض لها تركها.

تُستخدم كلماته: "إذكرنى يارب متى جئت فى ملكوتك". فى القداس البيزنطى كنص هام وأساسى. كان يُنظر إلى ديماس اللص فى العصور الوسطى بأوربا كشفيع المسجونين واللصوص، وفى الليتورجية الرومانية يُعيد له فى 25 مارس.

تصلى الكنيسة القبطية يوم الجمعة العظيمة بعد الأناجيل والطلبة فى وقت الساعة السادسة وقبل بداية صلوات الساعة التاسعة حيث يقولون أمانة اللص اليمين. فيقولون هذا المرد بالقبطى واليونانى والعربى:

v     إذكرنى يارب متى جئت فى ملكوتك. إذكرنى يا قدوس متى جئت فى ملكوتك. إذكرنى يا سيد متى جئت فى ملكوتك.

v     يا ملك الملوك المسيح إلهنا ورب الأرباب كما ذكرت اللص الذى آمن بك على الصليب، إذكرنا فى ملكوتك. (إذكرنى …)

v     من رأى لصاً آمن بملك مثل هذا اللص الذى بأمانته سرق ملكوت السموات وفردوس النعيم. (إذكرنى …)

v     من أجل أعمالك أيها اللص عُلقت على الصليب كالمذنبين وبإيمانك استحقيت النعمة والفرح وملكوت السماوات وفردوس النعيم. (إذكرنى …)

v     طوباك أنت أيها اللص الطوباوى ولسانك الحسن المنطق الذى به تأهلت بالحقيقة لملكوت السموات وفردوس النعيم. (إذكرنى …)

v     أيها اللص الطوباوى ماذا رأيت وماذا أبصرت حتى اعترفت بالمسيح المصلوب بالجسد ملك السماء وإله الكل. (إذكرنى …)

v     ما رأيت المسيح متجلياً على طور طابور فى مجد أبيه بل رأيته معلقاً على الإقرانيون فلوقتك صرخت قائلاً: (إذكرنى …)

v     آمنت لما رأيت السماء والأرض اضطربتا والشمس والقمر أظلمتا والأموات قامت والصخور تشققت وستر الهيكل انشق فلوقتك صرخت قائلاً: (إذكرنى …)

v     الحق الحق أقول لك قال الرب أيها اللص إنك أنت اليوم تكون معى فى فردوسى وترث ملكوتى. التلميذ أنكر واللص صرخ قائلاً: (إذكرنى …)

v     طوباك أنت يا ديماس اللص أكثر من كل من على الأرض لأنك نُلت وسيلة لم ينلها أحد قط. كل زمانك أقمت لصاً فى غابات أورشليم وكلمة واحدة قلت للرب فأرسلك إلى الفردوس. (إذكرنى …)

v     كان لما صُلب مخلصنا على خشبة الصليب، صلبوا معه لصين عن يمينه وعن يساره. فصرخ ديماس اللص اليمين قائلاً: (إذكرنى …)

v     قال له مخلصنا إنك اليوم تكون معى فى فردوسى وتنعم فيه. ونحن نطلب إلى الذى رُفع على خشبة الصليب وبذل دمه الإلهى عنا وأبطل الموت بموته أن يغفر خطايانا ويحفظ لنا حياة ساداتى الآباء المجتمعين فى هذه البيعة وكل بيعة من صغيرهم إلى كبيرهم قولوا كلكم آمين.

الرب يمتعنا نحن أيضاً بهذا الوعد الإلهى أنك اليوم تكون معى فى الفردوس. آمين

 ميمر القديس يعقوب السروجى على الملاك واللص

يقرأ فى الساعة السادسة من يوم الجمعة العظيمة 

صرخ الملك على الصليب فشق ستر الهيكل وأظلم ضوء النهار، وملكت الظلمة، وجزع الموت، وفزع العدو، ووقع على وجهه، وتفتحت القبور وخرج الموتى حينئذ ظهر النور للص بأمانته أخذ إكليل الغلبة وحين كانت جماعات اليهود متحيرون صرخ اللص إلى السيد المسيح قائلاً: "أذكرنى يارب إذا جئت فى ملكوتك". بينما كان بدء الهلاك نازلاً على اليهود أبرق سراج اللص بأمانته ولنور الشمس غلب… كان الرب على الصليب عرياناً وليس معه أجناداً ولا مواكب ولم يكن له عرش ظاهر يجلس عليه لكن أنار مصباح اللص ويقينه وقال: "إذكرنى يارب فى ملكوتك". رآه فى اتضاعه لا فى مجده الذى يظهر فيه يوم القيامة وطلب منه الرحمة…رفع ابتهاله إلى السماء وقال بتنهيده الشديد: "افتح لى يارب باب الرحمة حتى أدخل تلك الحياة، أعطنى يارب خبز الحياة حتى أتنعم على مائدتك، أذكرنى يارب تحت جناح رحمتك لئلا أقع فى الهلاك لأنه ويلى أنا اللص الكثير الذنوب، أغثنى يارب من خزائن رحمتك ومن عطيتك السمائية وحسب نعمتك تجاوز عن فعلى القديم. ألحقنى بفعلة العدالة السمائية لأنه ويلى أنا المسكين الذى دخلت كرمك فى الساعة الحادية عشر، إن لم تذكرنى برحمتك لهلكت لأن الذين عملوا من الغداة قد استوجبوا الأجرة أما أنا فلم أعمل من النهار إلا ساعة واحدة فألحقنى وضمنى إلى فعلة الغداة بكثرة رحمتك لأن فعلة الغداة يطلبون بدالة أجرتهم أما أنا فقد تأخرت إلى المساء فضمنى إليهم كرحمتك وإذا ما أعطيت الأجرة التى هى رحمتك فابتدئ بى يارب ليفرح أولاد اليمين الذين عملوا قبلى مع أنى عملت معك أخيراً. ادعنى أولاً ليفرح أولئك ويقولون إن كان هذا قد أخذ ديناراً فى ساعة فكم نعُط نحن؟ ويسر الخطاة بى ويرجعون إلى التوبة.

أنت قلت يا سيدى إنك جئت فى طلب الضال فاطلبنى لكى أكون عزاءاً ومنظراً لكل من يريد التوبة. أنت لم تأت لتدعو الصديقين لكنك للخطاة دعوت، جمعت الموجودين وبحثت عن الهالكين. سيفرح بى يارب أجناد النور لأنهم يفرحون بالخاطئ إذا رجع إليك وقربنى يارب قدام أبيك لآنى آمنت بك قدام أجناد قيافا. وقربنى إليك يارب قدام جميع الصديقين ولا ترفضنى إذا ما دنت الخلائق لأنى لم أكفر بك حين كنت مداناً من اليهود؛ حقاً أنا الخاطئ المسكين قد استحقيت الموت وصلبت نظير سيئاتى وما علمت أن كنز الحياة معلق على العود بجانبى وحين استوجبت الموت نظير سرقتى وقتلى ورثت الحياة من الموت، ومن وسط الموت نبعت لى الحياة إذ رأيتك يارب بينما كنت غريقاً فى ظلمة الخطية وفى آخر أيامى ظهر لى النور فأسألك يارب أن تذكرنى فى يومك العظيم وإن كنت قد رأيت اتضاعك فأرنى مجدك!

أجابه الرب يسوع وقال: أقول لك انك تفرح معى فى فردوسى لأنك وأنت فى الظلمة لسانك أثمر التسبيح فعلى مائدة الحياة تتنعم مع إبراهيم، وحين كنت فى سحاب الظلمة أشرق نور سراجك ففى ميراث النور مع الملائكة والقديسين تفرح وتسمع أصوات التسبيح وتتعزى مع القوات النورانية لأنك احتقرت أجناد قيافا وكهنة اليهود فألبسك ثوب البهاء فى الفردوس.

أقول لك أيها اللص خُذ مفتاح النور واذهب إلى مكان الحياة وأعد الطريق لملك النور الذى رذلـه اليهود، أعبر الهوة العظيمة واقطع طريق النار واعبر أودية اللهيب بغير فزع وحين تبلغ الأجناد الملائكية بشرهم بالغلبة… أخبر بأن آدم قد رجع إلى ميراثه القديم وإن قابلت الكاروبيم فلا تفزع منه لأنه يفرح بكتابك ويحملك على أجنحته…

وكتب الرب كتاب الحياة وأعطاه للص وأعطاه اسفنجة الخل والحربة التى طُعن بها فى جنبه… وختم بدمه الحى كتاب اللص وأرسله ـ وقد اعتمد اللص على عود الصليب بدم الرب وعاين الحياة والتحف بالنور من ذلك الماء الذى نزل من جنبه وفتح لـه باب الرحمة بتلك الحربة ولنا جميعاً حيث أعتقنا من الخطايا. هكذا بعدما نال اللص حميم الميلاد الجديد بالدم ولبس ثوب البهاء وأخذ مفتاح الفردوس أجازه كلام الرب فوق النار وبيده الكتاب المختوم بالدم.

ولما عبر على بحر النار لم يحترق من لهيبها فجاز الطريق حيث تقابل مع الملاك الحارس لطريق شجرة الحياة فسأله قائلاً: أخبرنى أيها الرجل من أين أتيت؟ وكيف حملتك الرياح على أجنحتها ولم تحرق ضعفك؟ ومن الذى فداك أيها الترابى؟ أخبرنى من أنت؟ هل أنت آدم الذى جبله الرب بيديه أو أنك شيث المصور بعجائبه. ألعلك نوح الذى جاز الطوفان وأرضى الرب؟! أو ملشيصادق الذى حفظ أمانته ودعى كاهن الله من أجل صلاته؟ هل أنت إبراهيم أب الآباء؟ أو اسحق ابنه الذى افتداه الله من السكين؟ أو انك يعقوب الذى أبصر الرب فى أعلى السلم السمائى؟ هل أنت يوسف الذى غلب القتال أو أنك موسى الذى شق البحر وأمواجه قدام شعبه؟!!

قل لى هل أنت يشوع بن نون الذى حبس الشمس عند اعتدال النهار؟ ألعلك جدعون الذى شبه نزول الرب بالندى على الجزة أو يفتاح الذى بذل ابنته بعد الغلبة؟!

لماذا جئت؟ ألعلك داود النبى الذى دعاه الروح القدس قلب الله أو أشعياء الذى رأى مجده ودعاه العجيب! أم أنك حزقيال الذى نظر الرب على مركبته أو دانيال الذى سد أفواه الأسود! ربما أنت سمعان بطرس الذى مشى على أمواج البحر أو يوحنا بن زبدى الذى اتكأ على صدر الرب!!

أخبرنى أيها الضعيف من أنت؟ الذى بجرأتك جزت البحور ولم تذب فيها.

أجابه اللص قائلاً: لا تغضب أيها الملاك فإنى أخبرك من أنا؟ ومن الذى أرسلنى لقد كنت مجرماً وفى الشر غارقاً وبدم الناس كنت ملوثاً. فكنت أقطع الطرق وكم أفقرت أغنياء وقتلت شيوخ ولم أرحم أحد حتى بدم الأطفال قد اغتسلت…

ولما سمع الملاك هذا الكلام تحير ونادى الطغمات الروحية وهو مرعوب وقال هلم يا معاشر الملائكة تعجبوا معى اليوم من هذا الترابى. ثم قال لـه أيها اللص الضعيف ماذا تصنع فى بلاد الأحياء يا ملوث بالدم؟ فى أى طريق سلكت إلينا أيها السارق، ليس فى بلدنا شئ تسرقه! أتستطيع أن تقتل الملائكة يا مهلك أصحابه أو تقتل الروحانيين؟!!

أنصحك ارجع إلى بلدك لئلا تحرقك النيران وأجنحة الروحانيين يا جنس العشب، ألست تعلم أن جدار الفردوس من النار فما تقدر أن تقربه وإن دنوت احترق ضعفك فكيف تجرأت على المجئ ها هنا؟

قال اللص: اسمع أيها الروحانى كلامى لقد أصعدتنى الرحمة من الهلاك إلى الحياة وقد تطهرت من خطاياى بعدما كنت قد أفنيت جميع أيامى فى المعصية لكن فى آخر عمرى جذبتنى الرحمة إلى الحياة. اسمع أيها الملاك أن الملك هو الذى أعطانى الحياة لأنى آمنت به على الصليب وهو فى حال اتضاعه، فتح لى باب الرحمة لأدخل مدينة الأحياء، وقد كان ينبغى لك أيها الملاك أن تفرح بالخاطئ إذا تاب لأن إلهك فرح بمثلى.

أجاب الملاك وقال لـه: لماذا لم يُرسل الرب ملائكة لتعد طريقه، ولماذا ترك إبراهيم رأس الآباء وأرسلك أنت؟ ولماذا ترك موسى ويشوع وإيليا وإليشع … هؤلاء الرجال الروحانيين الذين أحيوا الأموات؟ وكيف ترك داود النبى وأرسلك أنت؟ هل ترك الذين صرخت نبواتهم مثل صوت القرن وبشروا بـه قبل مجيئه بأجيال كثيرة ولك أنت أرسل؟ أين هابيل البار وشيث الحسن ونوح الصديق وإبراهيم الخليل واسحق الذبيح ويعقوب المصارع… لماذا ترك هؤلاء المختارين بنو الملكوت وأرسلك أنت يا مغرق فى الدماء لتهيئ طريقه.

قال اللص: اسمع أيها الملاك حتى أخبرك: "ليس من أجل خصومة ملائكة أُرسلت بل أرسلنى إلى الفردوس لأن الرحمة أصعدتنى من سوء أفعالى لذلك ترك كل هؤلاء الأبرار الذين ذكرتهم وأرسلنى وحدى، لأن أولئك يأتون مع الرب بالمجد أما أنا فمن فوق خشبة الصليب أرسلنى فوراً إلى الفردوس فإن أولاد الملكوت هم فى النياح لأن الملكوت لهم، أما المرضى مثلى فهم المحتاجين إلى الشفاء، لقد ترك الأبرار الذين لا يحتاجون إلى دواء أما أنا فقد خصنى بالمغفرة وأرسلنى وقد بدأ بى لأنى لم أعمل من النهار إلا ساعة واحدة. (متى 20: 12) خُذ أيها الملاك كلام الرب الذى قاله لى فهذا هو المفتاح لقفل النار لأن الملك أرسله معى.

قال الملاك وهو يرفع سيفه، لكنى أقول لك أيها اللص، لن تدخل بلد الحياة حتى يأتى الرب، ولاتخطو تلك الطريق حتى أراه ويفتح القفل الذى أقفله آدم، وأكمل قائلاً: اسمع أيها اللص أن الملائكة ما يقدروا أن يروه فى مجده ولك أنت يا ملوث بالدماء أرسل إلى الفردوس!

قال لـه اللص: أيها الملاك الروحانى ان الرب نظر أمانتى وضعفى وهو معلق على الصليب وكيف كنت أصد المخالفين وأرد على افتراءاتهم لأن الشمس كانت صامتة والأرض ساكنة والابن المحبوب على الخشبة مصلوب، وأما أنا فسبحته حتى تعجبت الخلائق كلها، وسمعته يقول لى: "الحق أقول لك انك تكون معى اليوم فى الفردوس". وكتب لى هذا الكتاب، ولم يكن أحد من المؤمنين بالقرب منه وقت آلامه وكنت معه عندما تركه الجميع وهربوا، وحتى أجناد السماء غطوا وجوههم برعدة، وكان جبرائيل مطاطئ الرأس، وميخائيل باهت ينظر إليه حين كان إكليل الشوك على رأسه وأجناد السماوات كانوا قياماً برعدة والتلاميذ كانوا هاربين من الفزع ومريم أمه فى حزن شديد، وقد اضطرب القضاة والرؤساء كاضطراب البحر والنهار قد مال إلى الظلمة وأصحاب قيافا مسرعين إلى الفساد.

وفى وسط هذه الرعبة لم أسكت أنا ولكنى مجدت الرب بأمانتى وهو بأفضل الجزاء جزانى.

وأنت أيها الملاك أين كنت وأصحابك فى ذلك الوقت؟ أين كنت حين قامت تلك الأمة السوء على ابن الله؟ لماذا كنتم سكوتاً عندما كانوا يضربونه بالسياط وعندما بصقوا فى وجهه كيف لم تغضبوا، عندما صلبوه تباعدتم عنه، ولما قالوا لـه خلص نفسك كنتم مرعوبين؟!!

سمعان الذى تقدم كان معه يتعشى وبأوجاعه كفر وحلف أنه ما يعرفه ويهوذا الذى كان أميناً على صندوقه باعه وقبض ثمنه ويوحنا الذى اتكأ على صدره وقت العشاء ما صبر معه فى وقت أوجاعه وأما أنا فعندما أشبع الألوف من الخبز القليل ما كنت معه فى البرية ولا فى وقت تحويله الماء خمراً طيباً شربت منه ولا كنت معه عندما سكن اضطراب البحر ولا حين أحيا الميت بعد أربعة أيام رأيته… أنا لم أر شئ من هذه العجائب ولكنى رأيته على عود الصليب فآمنت به. ألم تر أيها الملاك انى لم أنظر إلى الابن حين ولد من والدته وحفظ بتوليتها، ولا حين كان ملفوفا بالخرق فى المزود والملائكة سبحته، ولا عندما أتى المجوس بقرابينهم إليه نظرته، ولم أكن معه حين أظهر مجده لتلاميذه فوق طور تابور، ولا حين صرخ الآب من العلاء هذا هو ابنى الحبيب لـه اسمعوا، ولا حين كان فى بيت سمعان وغفر للخاطئة، ولا مضيت معه إلى بيت يايرس حيث أيقظ الجارية من الموت، ولا حين أعطى السمع للأصم الخرس شاهدته، لكنى رأيته وكنت معه حين كان على الصليب معلقاً، وحين طعن فى جنبه بالحربة وامتلأت الخشبة من ذلك الدم الزكى وأنا لم أسكت أيها الملاك لكنى مجدت الابن وسألته أن يذكرنى فى ملكوته. حينئذ أعطانى سؤالى وأرسلنى إلى ها هنا فخذ هذا الكتاب أيها الملاك وفكه واقرأه وانظر وتأمل إلى خاتم الملك العظيم وخذ مفتاح النار وانظر إلى الثوب الذى نسجته المعمودية بالدم الزكى. فلما نظر الملاك إلى الكتاب المختوم بدم الرب سجد قدامه وقبله ثم حمل اللص بأجنحته الروحانية وقال لـه: أدخل أيها الترابى لأنك جئت بأمر الرب ادخل وتعزى فى مكان الروحانيين إلى الفردوس والنور الذى تركه أبوك آدم؛ أدخل واختلط مع أجناد السماء وتنقى من أوجاعك، لأنك قد استحققت ذلك وان كان أهل السماء والأرض قد تفكروا فيك لأنك كنت فى الدنيا لصاً ولكنك فى الآخرة ورثت ملكوت السموات ودار النعيم، أيها اللص الطوباوى أين الملك الذى أرسلك؟ وما الذى أخره عنا إن كان قد خلص آدم الذى خرج فى طلبه فلماذا أبطأ عن المجئ؟ أجابه اللص قائلاً: أن الملك فى طريقه إلى القبر كان عمل كثير مع الموتى ليهدم متاريس الجحيم ويخرج الأسرى الذين فيها ويجدد لهم الثوب الذى أفسده الموت. لقد دخل الملك إلى مدينة الموت ليفك المحبوسين وقد ذهب ليغطى عُرى آدم ويلبسه ثوب الحياة من المعمودية ويأتى به معه من بيت الموت إلى مسكن الحياة.

ولما دخل الملك إلى هناك سبحوه على خلاصه لأنهم كانوا ينتظروه كما ينتظر الزرع المطر والبذرة المدفونة فى الأرض حين تشرب الماء فحين ارتووا من ماء الحياة قاموا ـ ينبغى لكم أيها الملائكة أن تنزلوا إلى الجحيم وتظهرون هناك شدة جبروتكم وأنت يا جبرائيل الذى جئت بالبشارة إلى السيدة الطاهرة مرتمريم أنزل وانظر ربك متكئ فى الجحيم مثل إنسان وأنت أيها الرئيس ميخائيل القوى انزل بعساكرك لتسبيحه فإنه ما يجب أن يكون فى الجحيم وحده لاقوه بالتماجيد والتهليل وإن كنتم حين كان على الصليب تركتموه وحده ففى الجحيم ما ينبغى أن تتخلوا عنه ـ حينئذ أجابه الملاك وقال لـه: اسكت أيها الضعيف لأن الموت لا يقوى عليه إن لم يكن هو قد أراد وأبواب الجحيم لا تقدر عليه فهل ترى الجبار مثل إنسان؟ هل يقوى الصقر على صيد الأسد والباسق الضعيف كيف يقوى على أخذ الحمام الطاير فالعظمة لـه وحده وليس من ملاك أحيا الموتى ولا من ملاك نبع الدم والماء للخلاص بل هو الابن الوحيد الذى صنع هذه الآيات فصبر وتجسد وتحمل هذه الأوجاع بالجسد الذى لبسه من الطاهرة لخلاص آدم وذريته وخدع العدو الشيطان بتدبير لاهوته الذى هيج عليه حسد اليهود بنى طاعته لأنه لو قاتل الشيطان بلاهوته ما كان فى ذلك عجب لكنه أراد أن يغلبه بذلك الجسد المغلوب منه، لك أقول أيها اللص الطوباوى ارجع إلى الملك وقل لـه إننا قد قبلنا كتابه وسجدنا لرسالته، حينئذ ترك الملاك الحربة النارية وفتح باب الفردوس وقال للص ادخل أيها المبارك إلى بلد الحياة وتعزى مع الملائكة لأن الملك قد جاء للخلاص بعدما أرضى أبيه بسفك دمه وهدم الحائط المتوسط. حينئذ أجاب اللص وقال للملاك ارجع إلى عملك وبلدك فإننا نحن قد رجعنا إلى بلدنا وميراثنا القديم لذلك ينبغى لنا أن نتمسك به ونتنعم. لعل نير الحراسة جرح كتفك أو انك تريد أن تكون حافظاً للفردوس ـ ارجع إلى عملك أيها الكاروب فإنه أولى بك من حفظك الفردوس ـ واعلم أن الكلمة نفسه الذى قال لك احفظ طريق شجرة الحياة هو الذى كتب لى هذا الكتاب ومبارك هذا القدوس الذى ورثنا ملكه السماوى لـه السبح والمجد والكرامة من الآن وإلى الأبد آمين.

فلنختم ميمر أبينا القديس مار يعقوب السروجى الذى أنار عيون قلوبنا.

2 كتاب طقس أسبوع الآلام  

3 عن كتاب: ديماس اللص التائب للقمص بيشوى عبد المسيح ـ إصدار مكتبة المحبة والميمر منقول عن مخطوط ميامر بكنيسة السيدة العذراء بنبروه.

4 و أقام لهم داود ملكا الذي شهد له أيضاً إذ قال وجدت داود بن يسى رجلا حسب قلبي الذي سيصنع كل مشيئتي  (أعمال الرسل  13 : 22)