3 برمهات: نياحة الأب القديس الأنبا قزما الثامن والخمسين من باباوات الكرازة المرقسية  

في مثل هذا اليوم من سنه 648 ش ( 27 فبراير 932 ميلادية ) تنيح الأب المغبوط الأنبا قزما الثامن والخمسون من باباوات الكرازة المرقسية. وكان هذا الأب بارا، طاهرا، عفيفا، كثير الرحمة، ملما بما في كتب البيعة واستيعاب معانيها.

ولما اختير للبطريركية في 4 برمهات سنة 636 ش ( 28 فبراير سنة 920 ) رعي رعيته بخوف الله وحسن التدبير، وكان يوزع ما يفضل عنه علي المساكين وعلي تشييد الكنائس، إلا أن الشيطان لم يدعه بلا حزن لما رأى سيرته هذه. فحدث أنه لما رسم مطرانا لأثيوبيا من الرهبان اسمه بطرس أوفده إلى هناك، فقبله ملكها بفرح عظيم. وبعد زمن مرض الملك، وشعر بدنو أجله، فاستحضر ولديه، ودعا المطران إليه، ورفع التاج عن رأسه وسلمه للمطران قائلا: " أنا ذاهب إلى المسيح، والذي تري أنه يصلح من ولدي للملك بعدي فتوجه".

ولما توفي الملك رأي المطران والوزراء أن الابن الأصغر أصلح للملك، فألبسوه التاج. وحدث بعد قليل أن وصل إلى أثيوبيا راهب من دير الأنبا انطونيوس اسمه بقطر ومعه رفيق له اسمه مينا، وطلبا من المطران مالا فلم يعطهما فأغواهما الشيطان ليدبرا مكيدة ضده . فلبس أحدهما زي الاساقفه ولبس الآخر زي تلميذ له، وزورا كتابا من الأب البطريرك إلى رجال الدولة يقول فيه: "وبلغنا أنه قد حضر عندكم إنسانا ضال اسمه بطرس، وادعي أننا أوفدناه مطرانا عليكم وهو في ذلك كاذب. والذي يحمل إليكم هذا الكتاب هو المطران الشرعي مينا. وقد بلغنا أن بطرس المذكور قد توج ابن الملك الصغير دون الكبير، مخالفا في ذلك الشرائع الدينية والمدنية، فيجب حال وصوله أن تنفوا كلا من المطران والملك، وأن تعتبر الأب مينا حامل رسائلنا هذه مطرانا شرعيا. وتسمحوا له أن يتوج الابن الأكبر ملكا".

وقدم الراهبان لابن الملك الأكبر فلما قرأه جمع الوزراء وأكابر المملكة وتلاه عليهم. فأمروا بنفي المطران بطرس، وأجلسوا مينا مكانه وبقطر وكيلا له ونزعوا تاج الملك من الابن الصغير وتوجوا أخاه الكبير بدلا منه، غير أنه لم تمض علي ذلك مدة حتى وقع نفور بين المطران الزائف ووكيله الذي انتهز فرصة غياب مطرانه، وطرد الخدم ونهب كل ما وجده، وعاد إلى مصر وأسلم.

ولما وصلت هذه الأخبار إلى البابا قزما حزن حزنا عظيما، وأرسل كتابا إلى أثيوبيا بحرم مينا الكاذب فغضب الملك علي مينا وقتله. وطلب المطران بطرس من منفاه فوجده قد تنيح. ولم يقبل الأب البطريرك أن يرسم لهم مطرانا عوضه، وهكذا فعل البطاركة الأربعة الذين تولوا الكرسي بعده.

وكانت أيام هذا الأب كلها سلاما وهدوءا، لولا هذا الحادث. وقد قضي علي الكرسي المرقسي اثنتي عشرة سنة وتنيح بسلام. صلاته تكون معنا. آمين.