12 أمشير: نياحة
القديس
جلاسيوس
في هذا اليوم أيضا، تنيح الأب الناسك المجاهد القديس جلسيوس، وقد ولد من أبوين مسيحيين، فربياه تربية مسيحية، وعلماه علوم الكنيسة، ثم قدماه شماسا. فأجهد نفسه في طاعة المسيح وحمل نيره، وذهب فترهب في برية شيهيت. وبعد زمن رسم قسا فأرشده ملاك الرب إلى مكان بعيد وهناك جمع حوله جماعة من الرهبان، فكان لهم خير مثال، وكان يعد نفسه كواحد منهم. وقد تناهي في الصبر وطول الأناة، حتى أمكنه نسخ الكتاب المقدس، ووضعه في الكنيسة ليقرأ فيه من يشاء من الرهبان. وحدث أن زاره مرة رجل غريب، وسرق هذا الكتاب، وعرضه للبيع فاشتراه أحد الأشخاص، وأراد أن يعرف قيمته، فذهب به إلى القديس جلاسيوس وأراه أياه فعرف أنه كتابه. فقال له بكم باعك صاحبه؟ فقال بستة عشرة دينارا. فقال له إنه رخيص فاشتراه وعاد به إلى منزلة. ولما جاء البائع لأخذ ثمنه قال له: "إنني عرضته علي الأب جلاسيوس، فقال أن الثمن كثير". فقال له: "أما قال لك شيئا أخر". فقال: "لا". فقال: "إنني لا أريد بيعه". ثم أخذ الكتاب وتوجه به إلى الأب جلاسيوس وقدمه له باكيا نادما علي فعله فلم يقبله منه، وبعد إلحاح شديد ودموع كثيرة، قبل أن يسترده. وقد منحه الله نعمة عمل المعجزات، منها أنه أهدى إلى الدير في أحد الأيام مقدار من السمك. وبعد طهيه وضعه الطباخ في أناء ووكل بحراسته أحد الغلمان. وهذا أكل منه جزءا كبيرا. فلما عرف الطباخ ذلك غضب علي غلامه لأنه أكل منه قبل وقت الأكل وقبل أن يباركه الشيوخ، وضربه ضربة أصابت منه مقتلا، فذعر الطباخ وذهب إلى القديس جلاسيوس، وأخبره بما جري منه، فقال له خذه وضعه بالكنيسة أمام الهيكل واتركه. ثم جاء الشيخ والرهبان إلى الكنيسة، وصلوا صلاة الغروب، وبعد ذلك خرج الشيخ من الكنيسة فقام الغلام وتبعه، ولم يعلم أحد من الرهبان بهذا إلا بعد نياحته. ولما أكمل هذا الأب حياته بشيخوخة صالحة أراد الرب أن يريحه من أتعاب هذا العالم فتنيح تاركا هذا التذكار الحسن. صلاته تكون معنا. ولربنا المجد دائما أبديا أمين .