11 أمشبر: يوأنس
الثالث عشر
البابا
الرابع
والتسعون
عن كتاب:
قاموس آباء
الكنيسة
وقديسيها مع
بعض الشخصيات
الكنسية
للقمص تادرس
يعقوب ملطى
في
أيام حكم
قايتباي
الوالي
المملوكي
الذي اتسم
عهده بالهدوء
النسبي في
الصراع بين
المماليك،
اتفقت آراء
الأساقفة
والأراخنة
بعد خمسة شهور
من نياحة
البابا يوأنس
الثاني عشر
علي اختيار
الراهب
المتوحد
"يوحنا"
الملقب بابن
المصري
المولود في
صدفا بمديرية
أسيوط، وتمت
رسامته في 10
فبراير 1484م في
كنيسة
العذراء
بحارة زويلة
المقر
البابوي
آنذاك، وحمل
اسم
سلفة"يوأنس "
بلقب الثالث
عشر.
لقد
تشابهت أيامه
مع المتنيح
البابا متاؤس
المشهور بحبه
المتناهي
للمعوزين
والفقراء، فلم
يطرق بابه
إنسان إلا
ووجد حاجته
دون نظر إلى
سن أو مذهب أو
دين. فكان
عطاؤه للكل
بلا حدود، ومع
هذا ازدهر
البناء في
الكنيسة في
عصره بدرجة
كبيرة جدا،
وبلغت
الكنيسة شأوا
كبيرا في
الداخل
والخارج،
فكانت الخدمة
الكنسية علي
احسن أحوالها
كما وكيفا
بمساندة
الأنبا ميخائيل
الرابع أحد
أساقفته.
وقد
قام البابا
يوأنس بإحضار
جسد القديس
مرقوريوس أبي
سيفين إلى
الكنيسة
المكرسة
باسمه في مصر
القديمة بدرب
البحر في سنة
1488م.
عاش
البابا فقيرا
من الناحية
المادية،
لكنه كان غنيا
في كل مجال، ففي
الناحية
العلمية كان
ضليعا في
العلوم الكنسية
وله كثير من
المؤلفات في
طقوس الكنيسة وفي
تعليمها تزود
بها أهل عصره.
ومن
ناحية دور
الكنيسة
مسكونيا، فقد
وجه خطابا
بابويا إلى
أساقفة قبرص
والخمس مدن
الغربية
وأثيوبيا.
والجدير
بالذكر أنه هو
الذي رسم
أسقفا قبرصيا
هو الأنبا
ميخائيل
القبرصي
مطرانا قبطيا
علي قبرص
ورودس، ولا
زال التأثير
القبطي واضحا
في نقوش
الكنائس
والقصور
فيهما حتى
يومنا هذا،
ولا زالت إحدى
كنائسنا هناك
باسم القديس أنطونيوس
ويوجد دير
يحمل أسم أنبا
مقاريوس وهو"سوري
اجار" (دير
أنبا مقار).
وكان القبط
آنذاك أحد
فئات الشعب
وضمن الإحصاء
العام الذي اضطلع
به الترك بعد
حكمهم
الجزيرة
لتحديد الضرائب.
أما من
ناحية الخمس
مدن الغربية
فيذكر المؤرخون
أن المسيحية
انتهت تماما
فيها في
بابوية الأنبا
يوأنس السادس
زمن حكم صلاح
الدين
الأيوبي، بعد
أن كانت من
أهم المراكز
المسيحية
التابعة
للكرسي
السكندري
وكانت إبروشياتها
عامرة تشغلها
الأساقفة
لكننا نجد للقبط
أسقفا في عهد
البابا يوأنس
الثالث عشر
حتى دخول
العثمانيين
"قرياقوص"،
وقد ترك هذا
الأسقف
إيبارشيته
وعاد إلى مصر
بعد الحكم
العثماني لها
وذهب إلي دير
السيدة
العذراء
الشهير بالسريان
حيث قضى بقية
حياته. ونعرف
من إيبارشيات
المدن
الغربية ما
يلي: أفريقية
وبرقة وبرنيقه
وطرابلس
الغرب
ومراقية في
ليبيا وتونس
ودرنة وقابس
وقيروان في
تونس.
أما من
جهة أثيوبيا،
فقد تعذر علي
البابا السكندري
إرسال مطران
قبطي ـ
كالعادة ـ
لأولاده
الأثيوبيين
بسبب
الخصومات بين
سلاطين مصر
المماليك
وملوك أثيوبيا،
مما دفع داود
الثاني ملك
أثيوبيا إلى
مخاطبة
البرتغال
لتعيين أسقف
وفعلا رسم الحبر
الروماني
أسقفا
للأثيوبيين،
والعجب أنه
سماه"بطريرك
الإسكندرية"
وكان
برتغاليا اسمه
(بواز
بارموداز)
رغم ما في ذلك
من تحد واضح
وصريح للأصول
الأخوية
ولقوانين
المجامع
المسكونية
خصوصا مجمع
نيقية. ولكن
أصلحت
الأحوال
وأرسل داود
الملك
الأثيوبي
أميرين
أثيوبيين
أحسن قنصوه
الغوري
استقبالهما
البابا
المصري
بالترحيب ووعدهم
بإرسال أسقف
مصري.
والجدير
بالذكر أن عصر
المماليك
اشتهر بالمتناقضات،
ففي الوقت
الذي عاش فيه
الأقباط مع المسلمين
في سلام إبان
حكم قنصوه
الغوري، وظهر
ذلك في
تعييدهم معا
بوفاء النيل
وعيد النيروز،
وازدهار
هندسة البناء
وزخرفة
المباني والهندسة
الزراعية
وتقدم الطب خصوصا
طب العيون،
إلا أن عدو
الخير زرع
شوكا وسط
الحنطة، فقد
هاجمت
القبائل
العربية
المقيمة في
الوجه القبلي
علي ديري
الأنبا بولا
والأنبا
أنطونيوس
وحطموا كل ما
فيها بعد أن
قتلوا
الرهبان،
وكانوا كلما
احتاجوا إلى
وقود كانت
الكتب
المقدسة
والمخطوطات
والكتب الكنسية
هي زاد هذا
الوقود، ولا
زال أثر
الحرائق واضحا
علي رسوم
وجدران
الديرين، وإن
كانت يد العمارة
قد امتدت
لتغسل عار
همجية الغزاة
الذين لم
يراعوا حرمة
عجوز أو ناسك
أو كاتب يحث
الناس علي
الفضيلة.
من
الأسماء
الشهيرة
لشهداء القبط
في عصر هذا البابا
الجليل
القديس " صليب"
الذي لا زال
جسده لم ير
فسادا حتى
يومنا هذا،
وقد نقلت بعض
مخلفاته إلى
دير ما رمينا
العجايبي
بمريط. وقد
نال إكليل
الشهادة بعد
أن صلبوه علي
صليب من خشب
داروا به
شوارع
القاهرة فوق
جمل، كأمر
قضاة
المسلمين
الأربعة،
ورغم هذا كان
صامتا ونعمة
الله حالة علي
وجهه الذي كان
يشع نورا وقطع
السياف رأسة
بعد أن قال:
"إنني عشت
نصرانيا
وأموت
نصرانيا".
من
متناقضات
العصر
المملوكي
أيضا أنه رغم
امتداد حكمهم
لفترة طويلة
واتساع
سلطانهم إلى سوريا
وقبرص
والحجاز،
ورغم اندحار
الصليبيين
والمغول علي
أيديهم، إلا
أن المصريين
لاقوا صنوفا
من الجور
والتعسف
والافتقار
والمذلة
والضرائب
الباهظة من
السادة
المماليك
بالإضافة إلى
الفتن
والاضطرابات
الداخلية،
وكان القبط
أوفر حظا في
تلك
الإساءات
التي امتدت
إلي الكنائس
والأديرة
بالتخريب
والتدمير.
من أشهر
الأديرة التي
دمرت في هذه الحقبة:
دير
القصير ـ
قلته ـ وكانت
به الأيقونات
من أجمل الصور
للقديسة
العذراء مريم.
دير
مار يوحنا
ودير أبي مينا
بمغارة
شقلقيل علي
أعلي الجبل
يطل علي النيل
ناحية منفلوط.
دير
بقطر بمحاجر
أبنوب، ودير
أبو هرمينا الراهب
الناسك، ودير
السبعة جبال
بأخميم، ودير
أنبا بسادة أو
بشادة من
علماء
النصارى.
دير
نهيا
بالجيزة،
وكان كما يقول
المؤرخ أنه
كان من أنزه
وأطيب
المواقع
وأجمل
الأديرة.
دير
ايسوس وله عيد
في 15 بشنس وفيه
بئر يعرف باسم
ايسوس يفيض
ماؤه في عيده،
والعجيب أن
هذا الدير كان
أول من أعطي
المصريين
فكرة عمل مقياس
لفيضان مياه
النيل، إذ أن
ارتفاع الماء
في هذا البئر
كان هو نفسه
الارتفاع
الطبيعي
لفيضان نهر
النيل .
دير
يحنس القصير
علي رأس الجبل
الغربي أسيوط.
لم
يفلت من
التخريب سوى
الدير الذي
آوي السيدة
العذراء مريم
مع رب المجد
في طفولته
ويوسف النجارـ
دير العذراء
بجبل درنكة
بأسيوط أو دير
قرية النصارى
الصعايدة، ودير
موشة خارج
أسيوط وقد
أقيم علي اسم
توما الرسول
الهندي"
وكانت
القبطية
الصعيدية لهجة
تلك المنطقة
كما أنهم
كانوا
متبحرين في
القبطيات
واللغة
الرومية.
من
الكنائس التي
أصابها
التخريب
كنيسة بومينا
الحمراء، أما
كنيسة الألزهري
التي كان بها
كثير من
النصارى فقد
حفر الرعاع
حولها من جميع
الجوانب حفر
عميقة حتى تقع
وحدها دون
تخريب، ولكن
الغوغاء
انتهزوا فرصة
صلاة الجمعة
والشوارع شبه
خاوية وتركوا
الصلاة
وتسلقوا
الكنيسة
وخربوها عن
آخرها،
وأخذوا ما بها
من تراث وستور
وصور وجرار
خمر شربوها
وباعوا ما فضل
عنهم وهم
مترنحين. وخرجوا
منها إلى
كنيسة دير
للبنات فكسوا
أبوابها وسلبوا
البنات
وحرقوها.
وكنيسة أخري
في أخميم كان
اسمها
"إيسوتير"
(المخلص) وكان
فيها بئر إذا
وضع ماؤه في
القنديل صار
أحمر كالدم.
وكانت جميع
الكنائس التي
خربت مائة
وستين كنيسة،
ولم يبق منها
سوي أربع
كنائس. وعندما
كانت
الكنائس تخرب
كانت البيوت
تفتح للصلاة
ونسي الأشرار
الوعد الإلهي:
"ها أنذا قد
جعلت أمامك
بابا مفتوحا
في السماء".
رغم هذه
الضيقات كانت
الكنيسة في
ازدهار منقطع
النظير وكانت
ممتلئة فرحا
وسلاما بفضل
راعيها
السماوي وراعيها
الأرضي الذي
جاهد الجهاد
الحسن مدة أربعين
عاما، وترك
لنا رصيدا
كبيرا وذخيرة
روحية لا ينضب
معينها في
تعاليم
الكنيسة
وطقوسها.
لما كملت
أيام خدمته
مضي إلى بيته.
في أرض الأحياء
وتمت مراسيم
الصلوات
الجنائزية في
كنيسة
العذراء
بحارة زويلة
حيث دفن أيضا
مع سابقيه.
وقد شاهدت
بابويته
نهاية دولة
المماليك الجراكسة،
إذ انتصر
عليهم سليم
الأول
السلطان التركي
وتحولت مصر
أثنائها إلى
ولاية تابعة للإمبراطورية
العثمانية.
الرب
يحرس كنيسته
إلى الأبد
أمين.