7 أمشير: نياحة القديس الاكسندروس الثاني بابا الإسكندرية الثالث والأربعين

في هذا اليوم من سنة 715م تنيح الأب القديس الاكسندروس الثاني بابا الإسكندرية الثالث والأربعون. كان هذا القديس من أهل بنا. وترهب بدير الباتيرون أي دير الآباء، وهو الذي كان معروفا بدير الزجاج الكائن غرب الإسكندرية. ونظرا لتقواه وعلمه اختير لكرسي البطريركية. وقد نالته في مدة رئاسته شدائد كثيرة. وكان معاصرا للخليفة الوليد بن عبد الملك، الذي لما تولي الخلافة عين أخاه عبد الله واليا علي مصر سنة 698م فأساء عبد الله معاملة المسيحيين، وصادر رهبان برية شيهيت. وبلغ به شره أنه دخل يوما دير قبلي مصر، حيث أبصر أيقونة العذراء مريم والدة الإله، ولما سأل عنها وقيل له أنها صورة العذراء مريم أم المسيح مخلص العالم، بصق علي الصورة قائلا: "إن عشت فسأبيد النصارى". ثم جدف علي السيد المسيح أيضا، فلما صار الليل رأي في نومه ما أزعجه وأدخل الرجفة إلى قلبه، فكتب يخبر أخاه قائلا: "إنني تألمت البارحة إذ رأيت رجلا جالسا علي منبر عظيم ووجهة يشرق أكثر من الشمس، وحوله ربوات حاملين سلاحا، وكنت أنا وأنت مربوطين ومطروحين خلفه، فلما سألت من هذا؟ قيل لي: هذا يسوع المسيح ملك النصارى الذي هزأت به بالأمس. ثم أتاني واحد من حاملي السلاح فطعنني بالحربة في جنبي". فحزن أخوه جدا من تلك الرؤيا. أما عبد الله هذا فأنه أصيب بحمي شديدة ومات في تلك الليلة. وبعد أربعين يوما مات أخوه الوليد أيضا.

وفي سنه 701م تولي آخر مكانه وحذا حذوه، فأساء إلى المسيحيين وقبض علي القديس الاكسندروس، وظل يعذبه إلى أن جمع له من المؤمنين ثلاثة آلاف دينار فأهلكه الله سريعا، وقام بعده والي أخر أشر منه فقبض وزيره علي الأب البطريرك وطلب منه ثلاثة آلاف دينار، فأعتذر إليه الأب قائلا أن المال الذي قدمه لسلفه، جمع بعضه من المؤمنين، والبعض الآخر استدانه، فلم يقبل الوالي منه هذا القول، وأخيرا طلب الأب منه مهلة فأمهله، فمضي إلى الصعيد لجمعها من صدقات المؤمنين. وقي أثناء تجوله حدث أن راهبا سائحا أمر اثنين من تلاميذه الرهبان بحفر مغارة، وفيما كانا يحفران وجدا خمسة أكواب من نحاس مملوءة ذهبا . فاحتفظا بواحد منها وأعطيا السائح الأربعة. فأرسلها هذا إلى الأب البطريرك، أما التلميذان فأخذا الذهب ومضيا إلى العالم، وتركا الرهبنة وتزوجا واقتنيا الجواري والعبيد والمواشي. وعلم بهما الوالي، فاستدعاهما إليه وهددهما فأخبراه بأمر الخمسة الأكواب وأن أربعة منها أخذها الأب البطريرك، فأسرع توا إلى الدار البطريركية ونهب ما وجده من أواني الكنائس، ثم قبض علي الأب البطريرك وأهانه وأودعه السجن، وطالبه بالأكواب وبالثلاثة آلاف دينار، ولم يطلقه حتى دفعها له.

وبعد ذلك بقليل مات هذا الوالي، وقام بعده والي أخر أشر منه، إذ أنه كلف المؤمنين أن يرسموا علي أيديهم عوض علامة الصليب المجيد، اسم الوحش الذي تنبأ عنه يوحنا الثاؤلوغوس، وأمر أن يكون هذا في سائر البلاد. وطلب من الأب البطريرك أن يرسم هو أيضا علي يده هذه العلامة فأبي، وإذ أصر رجاه الأب أن يمهله ثلاثة أيام، ثم مضى إلى قلايته وسأل الرب يسوع أن لا يتخل عنه حتى لا يقع في هذه التجربة، فسمع الرب صلاته وافتقده بمرض بسيط، فذهب واستأذن الوالي في الذهاب إلى الإسكندرية فلم يسمح له، ظنا منه أنه يتمارض ليعفي من الوسم. وبعد ذلك ألهمه الرب أنه بعد أربعة أيام يتنيح، فأبلغ ذلك إلى تلاميذه وطلب منهم أعداد مركبه لحمل جسده ودفنه جوار أجساد الآباء القديسين، ثم تنيح بسلام فحملوا جسده ونقلوه كما طلب.

وفي زمن هذا الأب كان للملكية بمصر بطريرك يسمي أنسطاسيوس، وقد أثار عليه غضب شعبه لمسالمته للأرثوذكسيين ومحبته لهم، فتركهم وجاء إلى البابا الاكسندروس واعترف أمامه بالإيمان الأرثوذكسي. فأكرمه البابا الاكسندروس إكراما كثيرا، وأراد أن يسلم إليه شئون البطريركية وينفرد هو للعبادة في أحد الأديرة، فأبي الأب أنسطاسيوس، وقال له لو كانت أرغب في البطريركية ، لبقيت هناك، فقد كنت بطريركا، ولكنى أريد أن أكون لك تلميذا. وأخيرا قبل أن يتسلم إحدى الأسقفيات فرعي رعية المسيح التي أؤتمن عليها أحسن رعاية. وقدا أقام الأب الاكسندروس علي الكرسي البطريركي 24 سنة و 9 أشهر. صلاته تكون معنا. آمين.