2 فبرايرـ 25 طوبة: القديس البار أفثيميوس الكبير

    ولد في مدينة مليطة في أرمينيا 377م من أسرة شريفة، كان أبواه بولس وذيونيسية تَقيين حسنى العبادة وكانت أمه عاقراً فظلا يطلبانه بصلوات حارة وصدقات كثيرة سنين طويلة حتى ظهر لهما ملاك الرب وبشرهما قائلاَ : ثقا فإن الله سيمنحكما ولدا وتسميانه أفثيميوس ومعناه السرور أو الفرح، لأنه سيكون سروراً لوالديه ووديع النفس طيب الأخلاق وفي زمن ميلاده سيعيد الله السلام إلى الكنيسة. تمت النبؤة بحذافيرها فولدت ذيونيسية ولداً دعته أفثيميوس ومات القياصرة الآريوسيين وقام على أريكة الملك ثيوذوسيوس الكبير. كان أفثيميوس ابن ثلاث سنوات لما مات أبوه فعنيت به أمه، لم يكن يفارق الكنيسة وخدمة الهيكل فضمه أسقف مليطة إفروتيس إلى طغمة الإكليروس ورسمه كاهناً وسلم إليه إدارة الأديرة  التي كانت في أبرشيته. غادر بلدته لزيارة الأماكن المقدسة في فلسطين فزار اورشليم وبيت لحم وذهب إلى البراري الفلسطينية لينسك هناك، فوجد صومعة ملائمة فاتخذها مسكنا له وأصبح يمارس في خلوته حياة شديدة شاقة وتوثقت عرى الصداقة بينه وبين الناسك القديس ثاوكتستس فتركا مناسك "فاران" ودخلا في صميم البرية ووجدا مغارة كبيرة أقاما بها خمس سنوات حتى عثر عليهما بعض الرهبان فهرع إليهما باقي الرهبان وسلموا اليهما قيادتهم في حياتهم الروحية، فأخرجا رجالا عظاما من تلاميذهم ومن هؤلاء كان القديس ثيوذوسيوس الكبير.

     ازدهرت في عهده البراري بالمئات من الرهبان، فبنى لهم أفثيميوس ديرا كبيرا أقاموا به، وأخذ أهل أورشليم وسائر البلاد يتسابقون الى دير أفثيميوس طلبا للبركة والإرشاد ومنحه الرب صنع العجائب. أتاه يوما أمير للعرب من عبدة الأوثان كان له ولد مقعد لم تنجح فيه حيل الأطباء فبارك أفثيميوس ذلك الولد الكسيح فشفاه وقام الولد يركض ويثب، فآمن الأمير وعشيرته بالمسيحية وأضحى رسولاً لكثير من العشائر العربية فقادها الى الإيمان وسام لهم البطريرك يوفيناليوس أسقفا دُعى بطرس وقد حضر هذا الأسقف المجمع المسكوني المنعقد في أفسس سنة 431م ووضع إمضاءه هكذا بطرس أسقف المضارب. 

     إمتاز أقثيميوس بروح النبؤة وصنع العجائب. كان شديد التواضع، كثير الوداعة، هادئ النفس. لا يفتر عن الصلاة ومناجاة الخالق ولما كان يحتفل بالذبيحة الإلهية كان مراراً يرى أجواق الملائكة ساجدة حوله أمام الهيكل. ومنحه الرب معرفة خفايا القلوب وأسرار الضمائر فكانت له سلاحا قويا لإرشاد رهبانه في حياتهم الروحية وإن الكثيرين من أباء المجمع المسكوني الرابع 451م لم يرضوا بالتصديق على قرارات ذلك المجمع إلا بعد أن عرضوها على القديس اقثيميوس ووافق عليها. كما كانت ضيافة الغرباء وخدمتهم من فضائله. ففي أحد الأيام نزلت جماعة كبيرة يبلغ عددها نحو أربعمئة شخص من أورشليم لزيارة الأردن فأخطأت الطريق. وكادت أن تهلك جوعا فأوصلها حسن طالعها الى دير القديس افثيميوس. فاستقبلهم بالترحاب وأمر بأن يعطوا طعاما. ولم يكن بالدير قطعة من الخبز. فذهب الوكيل بروح  الطاعة الى مخزن الخبز فوجده مملوءا الى فوق، فأطعم الضيوف وزاد لديه الشئ الكثير مما فضل عنهم.

     قاوم أقثيميوس هرطقة نسطوريوس وأفتيخيوس وأعاد الملكة افذوكيا الى الايمان القويم.

     بعد حياة طويلة حافلة بالفضائل والأتعاب والأصوام والأسهار وقيادة النفوس، أوحى اليه الرب بقرب يوم وفاته فجمع رهبانه وأوصاهم أن يكونوا ساهرين على نفوسهم يقظين على الفضائل الرهبانية ولا سيما المحبة الأخوية والتواضع والعناية بالغرباء والمرضى وأعمال الرحمة ثم رقد بالرب سنة 473م عن عمر يناهز الست وتسعين سنة، وقد شاهد القديس جراسيموس الناسك وهو في صومعته نفس اقثيميوس تصعد الى السماء مع أجواق الملائكة وهكذاعلم بموته وأتى لحضور دفنه كما نزل بطريرك أورشليم انسطاسيوس مع الأساقفة والكهنة والألوف من الشعب للإحتفال  بالصلاة من اجل راحة نفسه. فبشفاعات أبينا القديس البار أفثيميوس الكبير أيها الرب يسوع المسيح إلهنا ارحمنا وخلصنا آمين