18 طوبة: القديسة
باولا
عن
كتاب قاموس
آباء الكنيسة
وقديسيها مع
بعض شخصيات
كنسية حرف ب ـ
ث للقمص تادرس
يعقوب ملطى
تعتبر
الأرملة
الشهيدة
القديسة
باولا من أشهر
النساء
الرومانيات
من جهة التقوى
والتكريس
العائلي للرب
مع غني وكرامة
واتزان فكر.
ولدت
في 15 مايو سنة 347م
من عائلة غنية
جدا، من أشراف
روما. توفى
رجلها وهى في
الثانية
والثلاثين من
عمرها، كانت
قد أنجبت أبنا
وأربع بنات،
الابن هو:
توكسوتيوس على اسم
والده. الابنة
الكبرى
بليسيلا
علي اسم جدتها
(والدة
والدتها)، هذه
التي تنيحت
بعد حوالي ثلاثة
أشهر من
بتوليتها
وتغيير
حياتها
تماما، وقد
كتب القديس
جيروم
للقديسة
باولا يعزيها في
ابنتها (رسالة
39)، معلنا أنها
الآن في الفردوس،
وأن اسمها لم
يفارق
كتاباته.الثانية
بولينا
زوجة باماخيوس،
الذى وزع
غالبية
ممتلكاته بعد
نياحة زوجته
الشابة ليحيا
لخدمة
الفقراء،
ممارسا الحياة
النسكية بكل
تقوى مع كونه
من الأشراف. الثالثة
أوستخيوم
وهى التى
رافقت
والدتها كل
الطريق بحياة
نسكية شديدة
أثارت
أقرباءها،
حتى كادت أن
تنهار بنياحة
والدتها في
بيت لحم لكن
القديس جيروم وقف
بجوارها
يسندها
لتكميل رسالة
والدتها. الرابعة
روفينا
تنيحت في
شبابها
المبكر.
عاشت
باولا مع
رجلها في حياة
عائلية
مثالية، فكانا
مثلين لروما
في الحياة
الروحية
الفاضلة في
الرب، حتى إذ
مات رجلها وهى
في الثانية
والثلاثين من
عمرها وكانت
تحبه وتتعلق
به جدا
استغرقت في
الحزن بشدة،
فانتشلتها
صديقتها
القديسة
مارسيلا الأرملة
التي علمت
روما بتوبتها
وزهدها لمحبة العالم.
انفتحت بصيرة
باولا
الداخلية
لتكرس حياتها
لله في حياة
نسكية صارمة،
صار طعامها بسيطا
للغاية، لا
تشرب خمرا ولا
تنام علي سرير
بل علي مسوح،
تركت الحفلات
والمجاملات
الزمنية وكل
أنواع
التسلية
العامة،
واتجهت بكل
إمكانياتها
للعطاء وخدمة
المحتاجين.
تركت كل أعمال
زمنية من أجل
ضبط فكرها في
الرب وملكوته
السماوي.
قال عنها
القديس جيروم
في افتتاحية رسالته
التي بعث بها
إلى ابنتها
استوخيوم ليعزيها
في والدتها
قائلاً: "لو
تحولت كل
أعضاء جسدي
إلى ألسنة،
ولو نطقت كل
أطرافي بصوت
بشري، لا أوفى
الحق في
الحديث عن
فضائل
القديسة المكرمة
باولا. نبيلة
من جهة
عائلتها،
لكنها أكثر
نبلا في
القداسة. كانت
غنية في خيرات
العالم لكنها
صارت متميزة
بالفقر الذى
احتضنته من
أجل المسيح …
لقد فضلت بيت
لحم عن روما،
فتركت قصرها
البهي بالذهب
لتسكن قلاية
من الطين.
إننا لا نحزن
كأننا فقدنا
هذه السيدة
الكاملة، بل
بالحرى نشكر
الله أننا لم
نفقدها، فإنها
لا تزال معنا،
إذ الكل أحياء
( لو 20: 38) في الله،
والذين
يعودون إلى
الرب لا
يزالوا يحسبون
أعضاء عائلته.
حقا لقد
خسرناها، لكن
المساكن
السماوية قد
اقتنتها…".
ارتبط
اسمها
بالقديس
جيروم، بل
وارتبط اسمه بها
خلال الصداقة
علي مستوى
أبوته
الحانية الجادة.
تعرف عليها
خلال الأب
أبيفانيوس
أسقف سلاميس
ويولينوس
أسقف إنطاكية
اللذين
استضافتهما
في بيتها، وإذ
تعرفت
خلالهما
بالقديس
جيروم اجتذبها
لخدمة الله
خلال وجوده فى
روما.
وجدت
مقاومة شديدة
من عائلتها
خاصة وأن ابنتها
أوستيخوم قد
خلعت كل
رباطات
العالم لتمارس
الحياة
النسكية بقوة
مما أقلق
الأسرة علي مستقبلها
كابنة أحد
الأشراف… ومع
هذا بقيت بولا
مع ابنتها
تسلكان هذه
الحياة بلا
تردد.
مرت
باولا بتجارب
كثيرة كانت
تجتاز نفسها
الرقيقة
للغاية وكان
القديس جيروم
يحول التجارب
في حياتها إلى
طاقات
للتكريس
وانطلاقة نحو
الحياة
الأفضل، من
بين هذه
التجارب موت
ابنتها
الكبرى بليسيلا
فجأة، ثم موت
باولينا زوجة
باماخيوس وهى
شابة، وأيضا
روفينا، ولم
يبق من بناتها
الأربع سوي
أوستخيوم.
كان
قلب باولا
يلتهب كل يوم
حنينا نحو
الحياة السماوية،
وإذ كان جو
روما خانقا
بالنسبة لها
بكونها
معروفة
بعائلتها
التي من
الأشراف ولنقد
العائلة لها،
أرادت ترك
روما لتحيا في
سكون وهدوء
تمارس
عبادتها،
بعيدا عن
أسرتها
وأصدقائها
القدامى.
وفى
عام 385م انطلقت
مع ابنتها
مبحرة نحو
قبرص حيث
زارتا القديس
أبيفانيوس
أسقف
سلاميوس، ومن
هناك ذهبتا
إلى إنطاكية
حيث التقيتا
بالقديس
جيروم ومن
معه. انضم
الكل معا
لينطلقوا إلى
الأماكن
المقدسة
بفلسطين، ثم
يرحلوا إلى
مصر يلتقون
ببعض رهبانها
ومتوحديها .
رافقت
القديس جيروم
خلال رحلته في
مصر، ولابد
أنها كانت معه
حين التقى
بالقديس
ديديموس الضرير
مدير مدرسة
الإسكندرية
حيث تتلمذ علي
يديه لمدة
شهر، ثم
انطلقت معه
إلى نتريا حيث
بقيا هناك مدة
طويلة. يحدثنا
القديس جيروم
عن أثر هذه
الفترة في
حياة هذه
الأرملة،
قائلا بأنها
كانت مملوءة
غيرة وفرحا
برؤية
القديسين
مشتاقة أن تتمثل
بهم. استقبلها
الأباء بفرح
فكانت تمجد الله
وتشعر أنها
غير أهل لهذه
الكرامة.
التقت بالمقارين
وسرابيون
وأرسيزيوس
وغيرهم، وزارت
قلاليهم،
وكانت تسجد
عند أقدامهم،
وتشعر أنها
تري السيد
المسيح في كل
واحد منهم.
كان احتمالها
التنقل بين
القلالي
والمبيت في
البرية بفرح
فوق احتمال
أية امرأة..
لقد نسيت كل تعب
وكل احتياج من
أجل فرحها.
انطلقت
في السنة
التالية إلى
أورشليم
لتعيش في بيت
لحم حيث بنت
فندقا
لاستضافة
الغرباء
وديرا للرهبان
وآخر
للراهبات .
عاشت
مع ابنتها
استوخيم في
دير الراهبات
في حياة نسكية
جادة، وكان
نظام الدير أن
يشترك الكل في
العمل
اليدوي، خاصة
الحياكة سواء
للدير أو لمن
هم خارج
الدير.
عاشت
القديسة
باولا بين
الراهبات
أماً تجتذبهن بحبها
ورقتها
وقدوتها،
فكانت أول
العاملات،
تشترك
وابنتها
استوخيوم في
الخدمة
والعمل. ومع
هذا فكانت
حازمة، إن
شاهدت إنسانة
كثيرة الكلام
أو غاضبة
تسألها أن
تعتزل
الجماعة إلى
حين، تصلى
خارج الباب
(خارج مكان
الصلاة)، وتأكل
بمفردها.
كانت
تهتم
بالفقراء كما
ببناء الكنائس،
وكان مبدأها
أن تبنى كنائس
متضعة، فلا
تميل إلى
الكنائس
الفخمة ولا
المبالغة في
أثاثاتها، إذ
كانت تردد
أنها تفضل
إنفاق المال
علي الفقراء
بكونهم أعضاء
جسد المسيح الأحياء.
كانت
معينة للقديس
جيروم في
دراساته
وترجماته،
فقد تعلمت
اليونانية عن
والدها، واللاتينية
في روما،
والعبرية
أيضا حتى كانت
تسبح
المزامير
بلغتها
الأصلية.
اشتركت مع
معلمها جيروم
في جداله
الحاد مع
يوحنا أسقف
أورشليم
بخصوص "
الاوريجانية".
عندما
ترك روما كانت
تئن في
أعماقها
لدموع ابنها
توكسوتيوس
الذي سألها
ألا تغادر
المدينة، لكن
حبها لحياة الوحدة
تتعدى حدود
الدموع
بالرغم من
رقتها وحبها
لأبنها. تزوج
هذا الابن
فتاه مسيحية
تدعى لائيتا ابنة كاهن
وثنى، وقد
عاشت مع رجلها
ممتثلين بباولا
ورجلها في
حياة إيمانية
تقوية. إذ
أنجبت لائيتا
طفلة دعتها "
باولا
الصغيرة"
لتعلقها
بحماتها … وقد
كتب إليها
القديس جيروم
رسالة رائعة عن
تربية
طفلتها، حملت
مفاهيم
مسيحية حية للفكر
التربوي
المنفتح.
بعد
فترة أرسلت
لائيتا
ابنتها باولا
الصغيرة إلى
بيت لحم
لتتلمذ علي
يدي جدتها
القديسة باولا
التى تسلمت
قيادة جماعة
رهبانية
كجدتها.
إذ
بلغت من العمر
السادسة
والخمسين
دعاها السيد
المسيح
لتنطلق من
الأتعاب إلى
الفردوس بعد
أن تعرضت
للمرض. كانت
في مرضها
الأخير تردد
المزامير بلا
انقطاع،
وتعلق شوقها
لملاقاة
الله،
والتمتع بالحياة
السماوية،
وإذ ضعف جسدها
جدا ولم تقدر
علي النطق
صارت ترسم
شفتيها
بعلامة
الصليب حتى رقدت
في 26 يناير سنة
404م بين دموع
ابنتها
استوخيوم.
بركة
صلاتها تكون
معنا. أمين.