10 طوبة: يسطس تلميذ الأنبا صموئيل المعترف

عن كتاب روحانية التسبحة ـ الأنبا متاؤوس منقول عن مخطوطة رقم 301 ميامر بمكتبة دير السريان

يسطس اسم لا تينى معناه "عادل". هو أحد التلميذين المقربين لأبيهما الأنبا صموئيل المعترف، وهو سريانى الجنس. ولد فى أنطاكية من أبوين غنيين. كان أبوه من رجال البلاط الملكى. ربى ابنه يسطس تربية مسيحية، وأدباه بالآداب الدينية على يد قس تقى. وكان للصبى يسطس أخت تدعى مدروتا. بعد وفاة والديهما قصد الاثنان ـ يسطس وأخته ـ ديار مصر فى شكل مسكينين، بعد أن تركا فى أنطاكية كل مقتنياتهما، تصادف نزولهما فى مراكب أناس برابرة من قراصنة البحر ففرقوا الأخوين كل منهما فى مركب وعزلوهما عن بعضهما.

سارت المركب التى تقل الشاب المبارك يسطس إلى مريوط، وهناك باعه القراصنة لأرخن فى المدينة يدعى أرشيليدس فخدم عنده يسطس كعبد، وكان لأرشيليدس ابنة متزوجة، وكان يسطس يتولى تربية طفلها الصغير، وذات يوم بينما كان حاملاً الطفل سقط منه على حجر فسال دمه. فخاف القديس وترك الطفل وهرب ظناً منه أن الطفل قد مات. ولما رأى الناس أنه هرب سرقوا الطوق الذهبى من الطفل وحملوه وجاءوا به إلى بيت أبيه. وعندها بحث العبيد عن القديس يسطس ولما وجدوه ضربوه ضرباً مؤلماً وجروه على الأرض فكانت الحجارة والصخور تمزق جسده الرقيق، وكان يرفع قلبه بالصلاة قائلاً على الدوام : "لتكن إرادتك يارب ودبر حياتى حسب مشيئتك الصالحة فإن لك الحمد على الدوام". ولما وصلوا إلى منزل والد الطفل أمر بضربه ضرباً مؤلماً حتى تقرح جسده وأصبح يخرج منه الدود وقارب على الوفاة. وهرب إلى راعى غنم خارج المدينة فعمل معه الراعى رحمة وكان ينظف جراحاته ويعوله ويخدمه فى مرضه، فى كل هذا لم يتذمر القديس بل كان يذكر تجربة أيوب والدود الذى كان يخرج من جسده فيحتمل الآلام بشكر، كما كان يتأمل فى آلام الرب عنا فيفرح لأنه حسب أهلاً أن يكون له فى جسده سمات الرب يسوع وأن يهان من أجل اسمه.

اعترى أرشيليدس مرض عضال، فذهب إلى شيوخ برية شيهيت، ومنهم الأنبا صموئيل الذى نصحه أن يرجع إلى موطنه. وعند مشارف مدينته سيقابل رجلاً حاملاً جرة ماء، يشرب منها قليلاً فيبرأ. وفعلاً عند رجوعه وجد الشاب يسطس ـ ولم يعرفه ـ حاملاً جرة ماء، حيث كان ما يزال نازلاً عند الراعى، فطلب منه أرشيليدس قليل ماء فسقاه وبعد قليل برئ من سائر أوجاعه، فرجع يطلبه فى الخص الذى كان ساكناً فيه فلم يجده، فترك له بعض الذهب ومضى.

خاف القديس يسطس أن تكشف فضيلته، فيصاب بالمجد الباطل. فاستأذن الراعى ومضى قاصداً برية شيهيت، ولكنه توقف فى الطريق ونزل عند رجل طبيب يدعى قلته خدم عنده لمدة خمس سنوات، بعد ذلك مرضت زوجة أرشيليدس فأرسل يستدعى لها قلته الطبيب، لكن ملاك الرب ظهر لقلته وأخبره أن شفاءها لا يكون إلا على يد الشاب يسطس، أخبر الطبيب يسطس بذلك وأمر الرسل أن يأخذوه قهراً إلى بيت أرشيليدس، وهناك صلى على ماء وشربته المرأة فشفيت فى الحال، وهناك تعرفوا عليه ومكث عندهم ستة أشهر وهو يلح عليهم أن يدعوه يذهب إلى برية شيهيت ولكنهم لم يوافقوه.

أخيراً مرضت زوجة الأرخن مرة أخرى، ولما طلبوا منه أن يصلى من أجلها قال لهم: "لن تشفى إلا إذا تركتمونى أذهب إلى البرية". فكتب له الأرخن كتاب توصية إلى شيوخ برية شيهيت، وأرسل معه رسلاً أوصلوه إلى هناك، ولما وصل صلى على إناء به ماء وأعطاه للرسل ليرجعوا به إلى زوجة سيدهم، فلما شربت منه شفيت من مرضها.

ظهر ملاك الرب للأنبا صموئيل فى دير القديس مقاريوس وأعلمه بقدوم يسطس المبارك، وأنه سيكون ابناً روحياً له، وأمره أن يلبسه الاسكيم، فقام أنبا صموئيل وقابله وتباركا من بعضهما وقبله عنده، وبعد ستة أشهر ألبسه إسكيم الرهبنة فصنع جهادات كثيرة.

بعد ذلك دخل إلى البرية الداخلية وعاش متوحداً وصنع جهادات شاقة، فظهرت له الشياطين وجربوه تجارب مريرة حتى ترضض جسمه.

سبى البربر القديس يسطس فى إحدى غاراتهم على البرية، وباعوه فى بلادهم إلى رجل حداد وكان قاسياً، وبإيعاز من عدو الخير قام البربرى على القديس وضربه ضرباً مبرحاً وقطع أصابع يديه ورضض جسده وتركه بين حى وميت.

 قام القديس وتحامل على نفسه، وخرج إلى خارج القرية وسكن فى طافوس قديم (مقبرة). وهو يشكر الله على كل ما يأتى عليه، ولما رأى الله صبره واحتماله أرسل ملاكاً فشفاه وأرجع إليه أصابع يديه. بعد ذلك بتدبير من الله وصل إلى جبل البهنسا بصعيد مصر وسكن هناك فاشتهرت فضيلته وكان يشفى كل من يأتى إليه من أى مرض ألم به.

أتهم فى زنا من جارية كانت قد ذهبت إليه ليشفيها، ولما ولدت الجارية أمسكوا القديس وعلقوا الطفلين موضوعين فى قفة إلى عنق القديس وطافوا به البلد بالاستهزاء والضرب، ثم رموه خارج البلد بين حى وميت ومعه الطفلان. قام وتحامل على نفسه وتكفل بأمر تربيتهما، ولما تعذر وجود اللبن لهما أرسل له الرب قطيع غزلان سكن بجواره، فصار يغذى الطفلين من لبن الغزلان.

ظهر ملاك الرب للقديس صموئيل الذى كان حزين النفس بسبب فقد ابنه يسطس وفراقه، وأعلمه بمكان وجوده وأمره أن يذهب إليه، فقام وذهب إليه فرحاً فعزاه وقواه.

بعد أن أكمل القديس يسطس سعيه الحسن تنيح فى 10 طوبه وهكذا ذهب القديس يسطس إلى الرب الذى أحبه من كل قلبه وافتقر من مجد العالم بسبب محبته لـه، ونال آلام كثيرة على اسمه المبارك.

بركة صلواته فلتكن معنا أمين.

يذكر هذا التاريخ السنكسار القبطى لرينيه باسيه تحت يوم 10 طوبة