4 طوبة: نياحة القديس يوحنا الإنجيلي 

في هذا اليوم من سنة 100م تنيح القديس يوحنا البتول الإنجيلي الرسول، وهو ابن زبدى، ويقول ذهبي الفم أنه تتلمذ أولا ليوحنا المعمدان. وهو أخو القديس يعقوب الكبير الذي قتله هيرودس بالسيف. وقد دعاه المخلص مع أخيه (بوانرجس) أي ابني الرعد، لشدة غيرتهما وعظيم إيمانهما. وهو التلميذ الذي كان يسوع يحبه.

وقد خرجت قرعة هذا الرسول أن يمضي إلى بلاد آسيا. ولأن سكان تلك الجهة كانوا غلاظ الرقاب، فقد صلى إلى السيد المسيح أن يشمله بعنايته، وخرج قاصدا أفسس مستصحبا معه تلميذه بروخورس واتخذ لسفره سفينة وحدث في الطريق أن السفينة انكسرت، وتعلق كل واحد من الركاب بأحد ألواحها، وقذفت الأمواج بروخورس إلى إحدى الجزر. أما القديس يوحنا فلبث في البحر عدة أيام تتقاذفه الأمواج حتى طرحته بعناية الرب وتدبيره إلى الجزيرة التي بها تلميذه. فلما التقيا شكرا الله كثيرا علي عنايته بهما. ومن هناك مضي القديس يوحنا إلى مدينة أفسس ونادي فيها بكلمة الخلاص. فلم يتقبل أهلها بشارته في أول الأمر، إلى أن حدث ذات يوم أن سقط ابن وحيد لأمه في مستوقد حمام كانت تديره. فأسرعوا لإخراجه ولكنه كان قد مات. فعلا العويل من والدته. عندئذ تقدم الرسول من الصبي وصلي إلى الله بحرارة ثم رشمه بعلامة الصليب، ونفخ في وجهه فعادت إليه الحياة في الحال. فابتهجت أمه وقبلت قدمي الرسول ودموع الفرح تفيض من عينيها. ومنذ تلك اللحظة أخذ أهل المدينة يتقاطرون إليه ليسمعوا تعاليمه. وآمن منهم عدد كبير فعمدهم. وآثار هذا الأمر حقد كهنة الأوثان، فحاولوا الفتك به مرارا كثيرة ولم يتمكنوا، لأن الرب حافظ لأصفيائه. وأخيرا بعد جهاد شديد ومشقة عظيمة ردهم إلى معرفة الله، ورد كثيرين من أهلها إلى الإيمان. وعاش هذا القديس تسعين سنة، وكانوا يأتون به محمولا إلى مجتمعات المؤمنين، ولكبر سنة كان يقتصر في تعليمه علي قوله ( يا أولادي أحبوا بعضكم بعضا). وقد كتب الإنجيل الموسوم باسمه وسفر الرؤيا التي رآها في جزيرة بطمس، المملوءة بالأسرار الإلهية، وكتب الثلاث رسائل الموسومة باسمة أيضا. وهو الذي كان مع السيد عند التجلي والذي اتكأ علي صدر الرب وقت العشاء، وقال له من الذي يسلمك.. وهو الذي كان واقفا عند الصليب مع العذراء مريم، وقد قال لها السيد المسيح وهو علي الصليب: "هوذا ابنك". وقال ليوحنا: "هوذا أمك". وهو الذي قال عنه بطرس "يارب وهذا ماله". فقال له يسوع: "إن كنت أشاء أنه يبقي حتى أجيء فماذا لك".

ولما شعر بقرب انتقاله من هذا العالم دعا إليه الشعب وناولهم من جسد الرب ودمه الأقدسين، ثم وعظهم وأوصاهم أن يثبتوا علي الإيمان ثم خرج قليلا من مدينه أفسس وأمر تلميذه وآخرين معه فحفروا له حفره هناك. فنزل ورفع يديه وصلي ثم ودعهم وأمرهم أن يعودوا إلى المدينة ويثبتوا الأخوة علي الإيمان بالسيد المسيح قائلا لهم: "إنني بريء الآن من دمكم، لأني لم أترك وصيه من وصايا الرب إلا وقد أعلمتكم بها. والآن اعلموا أنكم لا ترون وجهي بعد. وأن الله سيجازى كل واحد حسب أعماله". ولما قال هذا قبلوا يديه ورجليه، ثم تركوه ومضوا، فلما علم الشعب بذلك خرجوا جميعا إلى حيث القديس، فوجدوه قد تنيح فبكوه بحزن عميق، وكانوا يتحدثون بعجائبه ووداعته. وأنه وإن لم يكن قد مات بالسيف كبقية الرسل، إلا أنه قد تساوى معهم في الأمجاد السماوية لبتوليته، وقداسته.

صلاته تكون معنا. ولربنا المجد دائما أبديا. آمين.