22 هاتور: فيلوثاؤس البابا الثالث والستون   

اختير من بين رهبان دير أبو مقار ورسم سنه 979م، وعاصر الخليفة العزيز بالله والحاكم بأمر الله. ولم يرد في سيرة هذا الأب البطريرك ما يستحق الذكر،إن كان قد عاصر ما يقرب من ثمان سنوات من حكم الطاغية الحاكم بأمر الله ولكن لم يذكر شئ عن آي معاناة من الحاكم.

يذكر تاريخ البطاركة أنه أنتهي إلى نهاية سيئه وذلك أنه لم يكن يحيا الحياة النسكية التي تليق بطقسه كراهب وبطريرك، فقد دخل إلى كنيسة مارمرقس الإنجيلي بالإسكندرية ومعه جماعة من الأساقفة ودخل إلى الهيكل ليقدس الأسرار، فلما رفع القربان سكت ولم يقدر أن ينطق بكلمة فجلس وأكمل القداس الأنبا مرقس أسقف البهنسا وحملوا البطريرك إلى بيت أحد الأقباط وظل صامتا تسع ساعات من النهار، فلما سألوه عن السبب امتنع عن الكلام ونتيجة إلحاح السائلين قال أنه لما قدم القربان وقبل أن يرشم عليه بعلامة الصليب رأى شرقية لهيكل قد انشقت وخرجت منها يد وصلبت اليد على القربان فانشق في يده وأصيب هو بالصمت. ولما قال هذا جف منه عضو وبقى جافا، وبعد قليل تنيح هذا البطريرك سنه 1003م بعد أن ظل على الكرسي أكثر من أربع وعشرين سنة ونصف.

للأسف لم يعارض هذا البطريك عادة التسري الذي استقبحها وقاومها سلفه. كما انتشرت في عهده السيمونية، فلم ينل أحد درجة الأسقفية في عهده إلا بعد دفع مبلغ كبير، قيل عن أهله أنهم وجدوا عنده مالا عظيما من جملة ما جمعه في بطريركيته وقسموه فيما بينهم وكانوا أربعه أخوه. ولكن هذا المال نفذ ورأى كاتب السيرة أحدهم وهو يتسول.

ومن القديسين المعاصرين له : الواضح بن الرجاء المعترف، ومارجرجس المزاحم الشهيد.

تلقى هذا الأب رسالة من أثيوبيا بعد الانقطاع الطويل الذي حدث بين الكنيستين، فيه طلب الملك من خلال جرجس ملك النوبة من الأب البطريرك أن ينقذ أثيوبيا من حالة الانحطاط الديني بسبب عدم سيامته مطارنة لها، وقد اعترف الملك بأن ما حل بأثيوبيا هو تأديب إلهى لما اقترفته أثيوبيا ضد الكنيسة القبطية.

أسرع البابا وسام الراهب دانيال من دير أبى سيفين مطرانا على أثيوبيا، فاستقبله ملكها الشاب الشرعي، وكانت سيدة قد اغتصبت منه الملك، فأجلسه المطران على عرش أجداده وحرم السيدة المغتصبة، فأنزلها الشعب عن الكرسي وحكم بإعدامها.

يقدم لنا كتاب "اعتراف الآباء" نصي الرسالتين اللتين وجههما البابا فيلوثاؤس للبطريرك أثناسيوس  الإنطاكي61م. جاء في الرسالة الأولى بعد مقدمة تفيض حبا وتكريما إجابة على تساؤل البطريرك بخصوص عدم مفارقة اللاهوت لا للنفس ولا الجسد عند موت السيد المسيح فقال: "اعلم أن الله الابن الكلمة بتجسده خلق له جسدا في بطن العذراء، واتحد به، وكان ذا نفس ناطقة عاقلة، وهو البشر التام الذي اتخذه واتحد به الكلمة باتحاد أقنومي لا ينحل حسب تعليم غريغوريوس  النيسى في ميمر الفصح.. ذلك البشر الذي جعله الكلمة واحداً معه كان ذا نفس عاقلة أيضا، فكان أحد أجزاء هذ1 الموضوع وهو الجسد قابلا الآلام والموت، لأن اللاهوت والنفس البشرية لا يتألمان ولا يموتان…

القول بآلام أو موت اللاهوت حتما هو قول فاسد وردئ وكفر لأن طبيعة اللاهوت بسيطة وروحية غير هيولية ،منزه عن المادة وغير مركبة، وبالتالي غير محددة ولا مدركة، وهى طبيعة الآب والابن والروح القدس، لذلك فهو غير قابلة الألم والموت.

وإنما موت المسيح كان بمفارقة نفسه لجسده فقط، بحيث أن لاهوته لم يفارق أحدهما طرفه عين أو لمح البصر, فكان اللاهوت ملازما الجسد على الصليب وفى القبر، كما كان ملازما النفس حال نزولها إلى عالم الأرواح البارة."

وقال غريغوريوس أسقف نيصص في ميمر الميلاد:" أن اللاهوت في وقت تدبير الآلام لم يفارق كلاً من الجسد والنفس المتحد بهما دائما. الذي مات وفتح أبواب الفردوس للص نفسه وكان هذا الاثنان أعنى الجسد والنفس ذي قدرة في زمن واحد..)

ختم الرسالة بتكريمه للوفد الذي بعثه البطريرك إليه مع الرسالة، وأنه قد أصدر منشورا إلى كل الكنائس في مصر لذكر اسمه الكريم في الطلبات ، وفى كل قداس كالمعتاد.

بعث أيضا رسالة ثانية إلى بطريرك إنطاكية نفسه تشبه الأولى، بعد أن زاد عليها استقامة اعترافه بسر الثالوث القدوس ووحدة جوهرة. الرب يثبت كنيسته إلى الأبد أمين.