14هاتور:  نياحة البارة مدرونة 

اعلموا يا أخوة أنه فى مثل هذا اليوم تنيحت البارة مدرونا. وهذه كانت من بنات الملوك، ولما اشتهت على والديها أن تصلى فى بيت المقدس، أمر لها بغلمان وجوارى وخدم وأعطاها ثلاثة آلاف دينار ذهب أحمر مختوم لكى تفرقها فى المواضع المقدسة وفى الأديرة. ولما وصلت بيت المقدس وصلت فى الأماكن المقدسة وزارت الأماكن الأثرية، وذهبت إلى الأديرة لتصلى فى أماكن القديسين ولكى تعطيهم من الذى معها، وعندما قابلت الرهبان والسواح أحبت الرهبنة . ولما فرغت من الصلاة والتبرك رجعت إلى بيت المقدس وأقامت ثلاثة أيام. وأما الذين معها فقد تهيئوا للسفر والرجوع فجلست سراً وكتبت رسالتين الواحد منهما لوالدها والآخر للغلمان الذين كانوا معها، تقول فيه؛ إنى قد نذرت نفسى إلى الله فلا تبحثون عنى لأنكم لا تقدرون علىَّ لأنى ذاهبة إلى المكان الذى يهدينى الله إليه. ووضعتهما فى عقدة ثيابها داخل الصندوق الذى كان معها فى سفرها، وعندما ذهبت لتخرج من بوابة بيت المقدس وحمل الغلمان الأمتعة، قالت لهم أنها تريد أن تذهب إلى الجلجلة لتصلى، فأوفدوا جارية معها أما هى فقد غافلتها وخرجت من القيامة إلى الباب الذى يوصل إلى أريحا وطلبت البرية، فأرشدها الله إلى رجل شيخ وسجدت له وطلبت منه باجتهاد عظيم أن يلبسها الاسكيم المقدس. فقال لها الشيخ لئلا تكونى سبباً فى جلب البلاء على الرهبان لأنك إمرأة. ومن بنات الملوك، قال هذا لما رآها فى غاية الجمال وعلى أوفر صحة. فقام وحلق شعرها وألبسها الاسكيم المقدس. فخرجت من عنده، فقال لها يا ابنتى إلى أين تذهبى فقالت له إلى موضع يختاره الرب لى. فطلبت البرية ومكثت منفردة وحدها.

أما أنبا يوحنا القسيس فقال: إننى كنت أعرف مغارة رجل سائح فأخذت معى خبزاً ومضيت لأفتقده فتهت ولم أجد المغارة. وفيما أنا أطوف فى البرية وجدت أثر قدم لطيف فقلت هذا قدم صبى أو بنت. فصليت وقلت بارك علىَّ. فلم يكلمنى فدخلت فوجدت راهباً جالساً فسلمت عليه ورأيت وجهه وهو يضئ كالنار المشتعلة. فقلت فى نفسى هذه إمرأة فعلمت فكرى فقالت لى لم فكرت فىَّ هكذا. فسألتها بالتضرع . فعرفتنى قضيتها كلها قائلة أنا من بنات الملوك ولى هاهنا ثمانية وعشرين سنة ولى طعاماً سمائياً يأتى إلىَّ من السماء. فلما قدمت لها من الطعام الذى كان معى لم تتناول منه شئ. فأما أنا فطلبت منها البركة فقالت لى تعاهدنى وتعود إلىَّ فخرجت من عندها وأتيت إلى مغارتى وأقمت مدة أيام وبعد هذا نهضت فى هذا اليوم الرابع عشر من الشهر وأتيت إلى المغارة، ولما قربت منها سمعت أصوات الملائكة وهم صاعدون بنفس الطوبانية إلى السماء بمجد عظيم وسمعت صوتاً قائلاً لى انصرف إلى قلايتك واكتب ما سمعت تذكاراً لهذه البارة. الرب يرحمنا بصلاتها أمين.