20 توت:  نياحة القديسة تاؤبستي

وفيه أيضا تذكار نياحة القديسة تاؤبستي. كانت هذه القديسة قد تزوجت ورزقت ولداً واحداً. ومات بعلها وهي في ريعان الصبا، فأخذت علي نفسها أن تترهبن. فابتدأت بممارسة السيرة الروحانية. وواظبت علي الصوم والصلوات المتواترة وكثرة المطانيات ليلاً ونهاراً. ثم مضت إلى الأب القديس الأنبا مقاريوس أسقف نقيوس . وسجدت له، وتباركت منه ثم سألته أن يصلي عليها ويلبسها اسكيم الرهبنة. فأشار عليها الأب الأسقف أن تجرب نفسها سنة واحدة. ووعدها أنه بعدها يلبسها الاسكيم الرهباني. فمضت إلى منزلها وحبست نفسها في بيت صغير سدت بابه وجعلت به طاقة صغيرة. وكان ولدها البالغ من العمر اثنتى عشرة سنه يهتم لها بمطالب الحياة. واندفعت في عبادات شاقه بزهد وتقشف. وانقضت السنة وقد نسي الأب الأسقف ما كان قد وعد به هذه القديسة من أنه سيلبسها ثوب الرهبنة. فرآها في النوم بهيئة مضيئة وقالت له يا أبي: كيف نسيتني إلى الآن وأنا سأتنيح في هذه الليلة. ورأي الأب الأسقف وكأنه قام من نومه، وصلي عليها صلاة الرهبنة وألبسها ثوبها. ولما لم يجد قلنسوة خلع قلنسوته من فوق رأسه ووضعها عليها. ثم وشحها بالاسكيم المقدس. وأمر تلميذه أن يأتيه بقلنسوة أخري فلبسها. وكان بيدها صليب من الفضة فناولته له قائلة: أقبل يا أخي من تلميذتك هذا الصليب. وقيل أنه لما صحا من نومه وجد الصليب بيده وتأمله فإذا هو جميل الصنع. فتعجب ومجد الله. وفي الصباح المبكر مضى هو وتلميذه إلى بيت تلك المرأة المباركة. فتلقاه ابنها وهو يبكي بدموع غزيرة. ولما سأله عن السبب، أجابه: إن والدتي استدعتني في منتصف هذه الليلة، وودعتني وقالت لي: يا ابني مهما أشار به عليك الأسقف، أفعله ولا تخرج عنه. وسأتنيح في هذه الليلة وأمضي إلى السيد المسيح. ثم صلت علي وأوصتني قائلة: احفظ جميع ما أوصيتك به ولا تخرج عن رأى أبينا الأسقف. وها أنا بين يديك. فأتى الأب الأسقف إلى حيث القديسة وقرع الباب فلم تجبه. فقال: حقا لقد تنيحت هذه المباركة وأمر تلميذه بفتح الباب. ولما دخل الأسقف وجد القديسة قد أسلمت الروح، وهي متشحة بالاسكيم الذي وشحها به في الرؤيا وأيضاً القلنسوة التي كان يلبسها. فاغرورقت عيناه بالدموع، وسبح ومجد الله الذي يصنع مرضاة قديسيه، وكفنها الأب الأسقف كعادة الرهبان. واستدعي الكهنة فحملوها إلى البيعة المقدسة. وصلوا عليها بإكرام عظيم.

وكان في المدينة رجل وثني مقعد، معذب من الأرواح الخبيثة، فلما سمع ترتيل الكهنة أمام الجمع. طلب من أهله أن يحملوه ويمضوا به إلى حيث جسد القديسة. فلما أتوا به إلى البيعة اقترب من الجسد المقدس بإيمان فشفي لوقته، وخرج منه الشيطان. وكان يمشى معافي. فآمن لوقته بالسيد المسيح هو وجميع أهل بيته. فعمدهم الأب الأسقف. وكان كل من به مرض أو عاهة يأتى إلى البيعة ويلمس الجسد المقدس فيبرأ في الحال. ولما سمع الوالي بهذه العجائب آمن بالسيد المسيح هو وأكثر من في المدينة ثم أتي إلى البيعة وحمل الجسد ودفنه بإكرام.

والمجد لربنا ومخلصنا يسوع المسيح ولأبيه الصالح والروح القدس إلى الأبد أمين.