3 توت: نياحة
القديسة
ثيئودورة
التائبة
المرجع:
السنكسار ج1 ـ
اعداد اللجنة
المجمعية للطقوس
2013
كتاب:
قاموس اباء
الكنيسة
وقديسيها ـ
القمص تادرس
يعقوب ملطى
ولدت
ثيؤدورة فى
القرن الخامس
الميلادى، فى عهد
الإمبراطور
زينون، من
أبوين شريفين
بالإسكندرية،
اتسمت
بالجمال
البارع مع
حياة التقوى
والغنى. تزوجت
شاباً غنياً
وتقياً،
فكانت
حياتهما مملوءة
سلاماً
وفرحاً. فى
وسط مظاهر
الغنى وكثرة الولائم
تعرف عليها
شاب غنى أُعجب
بحكمتها واتزانها،
وكان نقياً
وطاهراً، وقد
شعر الزوج
بذلك فصارت
بينهما دالة.
ولكن عدو
الخير بدأ بعد
فترة يلقى فيه
بذار الفكر
الشرير من جهة
ثيؤدورة، وإذ
كان يحترمها
ويجلها صار
يُحارِب
الفكر. تزايدت
الحرب عليه
جداً وعندما
وجد الشاب
فرصته صارح
ثيؤدورة
بأفكاره من
جهتها، فصدمت.
فقد كانت ترى
فيه النقاوة،
وانتهرته..
ولكن مرت
الأيام
وتزايدت
الأفكار،
وخلال حيل
إبليس سقطت
الزوجة فريسة
للخطية. لم
يعرف أحد بما
حدث بينهما،
خاصة والكل
يعلم عنهما
أنهما
طاهران.. لكن
ثيؤدورة لم
تحتمل نفسها،
كانت مرة
النفس جداً،
وفى صراعها
صارحت زوجها بما
حدث والدموع
تنهمر من
عينيها.. ولم
يعرف الزوج
ماذا يفعل إذ
كان يثق فى
زوجته، ويثق
فى صديقه.
تحولت
حياتهما إلى
دموع لا تنقطع
ليلاً
ونهاراً،
وأخيراً قررت
ترك العالم
لتقضى بقية
أيامها فى
توبة مستمرة.
حلقت
ثيؤدورة
رأسها وتزيت
بزى الرجال
وانطلقت
بالليل إلى دير
الأناطون أى
دير التسعة
أميال (فى
موقع الدخيلة
الآن)، وهناك
سألت رئيس
الدير أن
يقبلها فأراد
أن يختبر
مثابرتها.
تركها على
الباب طول
الليل وسط
البرد الشديد
وتعرضها
للحشرات، وفى
الصباح وجد
عينيها قد
تورمتا بسبب
البكاء، فسمح
لها بالدخول
وعُرفت بإسم
ثيؤدور أو
"تادرس". عاشت
القديسة فى
هذا الدير
تمارس خدمة
فلاحة
البساتين،
محتملة كل تعب
بفرح وسرور.
صلواتها لا
تنقطع فى وسط
أتعاب العمل،
تتسم بالطاعة
والوداعة مع
النسك الشديد.
وقد وهبها
الله عطية صنع
المعجزات،
فذاع صيتها ووفد
إلى الدير
كثيرون
يطلبون بركة
هذا الراهب. يروى
أنه فى أحد
الأقاليم ظهر
تمساح فى
النيل كان
يزعج الناس،
فأرسل حاكم
الاقليم إلى
رئيس الدير
يطلب منه أن
يرسل الراهب
ثيؤدور ليخلص
الناس من شر
هذا التمساح،
فطلب الرئيس
من الراهب أن
يذهب إلى
المنطقة
ويملأ من هناك
جرة ماء. فى
طاعة حمل
الجرة
وانطلق،
وهناك رأى
التمساح
يتقدم إليه
كحمل وديع،
امتطى ظهره لينطلق
به إلى داخل
النيل ويملأ
الجرة. وعندما
عاد به رشم
عليه علامة
الصليب فمات.
كان
قلب زوجها يئن
بلا انقطاع لا
يعلم أين ذهبت
زوجته، فإنها
وإن كانت قد
سقطت لكنه
يعلم أنها
سقطة ضعف خلال
خداع عدو
الخير. كان
مشتاقاً أن
يطمئن على
خلاصها، فقدم
بدموع صلوات
كثيرة سائلاً
الله أن يهبه
راحة
وطمأنينة من
ناحيتها. فى
غمرة حزنه ظهر
لـه ملاك
يسأله أن يذهب
إلى كنيسة
القديس بطرس
خاتم الشهداء
ليجدها بجوار
الكنيسة
بمفردها. ففرح
جداً وانطلق إلى
الكنيسة لكنه
لم يجد أحداً
سوى راهباً
يقود جمالاً
ليحضر مؤنة
للدير. كان
هذا الراهب ثيؤدورة
التى لم
يعرفها رجلها
لأن شكلها كان
قد تغير
تماماً بسبب
نسكها الشديد
ودموعها التى
لم تجف، اما
هى فعرفته
وحيّته فرد
عليها التحية.
تعرضت
القديسة
ثيؤدورة
لحروب كثيرة، تارة
يذكرها العدو
بخيانتها
لرجلها ليقطع
عنها الرجاء،
وأخرى يذكرها
بكلمات
التملق التى
كان ينطق بها
الشاب
وتصرفاته
المثيرة.. وفى
هذا كله كانت
تقاوم بنعمة
الله.
إذ فشل عدو
الخير فى
تحطيمها بكل
الطرق دبر لها
مكيدة، إذ سخر
لها إمرأة
شريرة التقت
بها يوماً فى
البرية وهى
تقود الجمال،
فحسبتها
راهباً شاباً.
حاولت المرأة
أن تجتذب
الشاب للخطية.
فتذكرت ثيؤدورة
سقطتها فصارت
تبكى بمرارة
وطلبت من المرأة
أن تتوب عن
خطاياها
وترجع إلى
الله، فما كان
من هذه المرأة
إلا أن ذهبت
إلى رئيس الدير
تشكو لـه أن
هذا الراهب
الشاب قد أفسد
عفتها وأنها
حملت منه.
تحول الكل إلى
مقاومتها،
فاحتملت
كلمات
السخرية
والنظرات
القاسية
بتسليم كامل
بين يدى الله
دون أن تدافع
عن نفسها
بكلمة حتى لا
يعرف أحد
سرها.
طُردت
ثيؤدورة من
الدير مع
الرضيع لتبقى
سبع سنوات فى
البرية تذوق
كل تعب وألم،
خاصة من أجل
الطفل البرئ،
وكانت تجاهد
على الدوام،
وتحسب أن ما جرى
لها من قبيل
التأديب عما
فعلته قبلاً.
أظهرت
ثيؤدورة كل
احتمال وثبات
مع توبة فسمح لها
رئيس الدير
بالعودة مع
الطفل، بعد أن
وضع عليها
قانوناً
قاسياً، فطلب
منها أن تبقى
فى قلايتها مع
ابنها لا
تقابل أحداً
خارج الكنيسة
أثناء الصلاة.
رأى رئيس
الدير فى حلم
كأن السماء قد
انفتحت وظهر
عرش تجلس عليه
عروس جميلة
بجوارها
ملاك، فلما
سأل عن العروس
قيل لـه إنها
الراهب ثيؤدور..
فقام للحال
متجهاً نحو
قلاية الراهب
ليسمعه يحدث
الابن
المنسوب إليه
قائلاً: "يا
ولدى، لقد
قاربت شمسى أن
تغيب ولا ألبث
أن أفارقك.
لكنى أتركك
بين يدى أب عطوف،
هو الله أبو
اليتامى
جميعاً. وأملى
وطيد أن رئيس
الدير لا
يتخلى عنك وأن
الرهبان يعطفون
عليك. يا ولدى
لا تبحث عن
أصلك ونسبك.
إن خير الأنساب
هو مايأتينا
من الفضيلة.
لا تنظر إلى الأمجاد
العالمية،
لأن الرجل
السعيد ليس هو
الرجل المجيد.
ولقد قال الرب
يسوع: طوبى
لكم إذا
عيروكم
واضطهدوكم
وقالوا عليكم
كل كلمة شريرة
من أجلى
كاذبين.. صل
لأجل كل الخطاة،
كن عوناً
للضعيف،
ولاتتوان فى
طريق الكمال.
اخدم قريبك
كما لو كان
سيدك، لكى
تكون مقبولاً
عند المسيح
يسوع الذى
لأجلنا أخذ صورة
عبد. كن
مواظباً على
الصلاة لئلا
تدخل فى التجارب.
وإذا هاجمتك
التجربة
فاصمد لها.
وإذا ذَهَبَت
فلا تمل من
الصلاة، لئلا
تعود إليك فتتغلب
عليك. فإذا
اتبعت يا ولدى
نصائحى هذه ومشوراتى
فإن الله يكون
معك ويحفظك من
الشرير ومن
سائر
الأعداء."
وقف
رئيس الدير
خارج القلاية
يستمع حتى
النهاية،
فتأكد أن هذا
الراهب
مُفترى عليه،
وإذ طرق الباب
ليدخل وينال
بركته قبل
رحيله.. دخل
فوجده قد أسلم
الروح. أقبل
الرهبان إلى
جثمان الراهب
ثيؤدور وليعلنوا
أسفهم على ما
صدر منهم بعد
أن سمعوا من
رئيس الدير ما
قد رآه وسمعه،
وإذ أرادوا
دفنه أدركوا
أنها إمرأة.
للحال انتشر
الخبر فى كل
الاسكندرية،
وجاء
الكثيرون
يطلبون
بركتها.. عندئذ
أدرك زوجها
أنها إمرأته،
فجاء يبكى بمرارة
متذكراً كيف
أنه سبق فرآها
ولم يعرفها حين
كانت تقود
الجمال. فتوسل
إلى رئيس
الدير أن
يقبله راهباً
ويكمل بقية
أيامه فى ذات
قلايتها. أما
الصبى فكان
ينمو فى
النعمة حتى
أحبه الجميع
وأُختير فيما
بعد رئيساً
للدير. صلاتها
تكون معنا
أمين.